شكاية الإمساك العمدي عن أداء النفقة (إهمال الأسرة)

1- الأشخاص الذين يحق لهم تقديم الشكاية :

أ – الزوجة:

تعتبر النفقة من الحقوق التي أقرتها الشريعة الإسلامية للزوجة، حيث وجب على الزوج أن يفي بتوفير النفقة اللازمة لزوجته طوال فترة الحياة الزوجية، بما يتناسب مع حالته المالية وقدرته. وعلى الرغم من أن مدونة الأسرة المغربية لم تعرف النفقة بشكل صريح، إلا أنها قدمت تحديدًا لما يعتبر من مشتملاتها.

النفقة هي كل ما يُنفقه الشخص على نفسه وعلى زوجته وأولاده من طعام، وكسوة، وتمريض، وإسكان، وهي تشمل كل ما يتطلبه الشخص من احتياجات أساسية لضمان العيش الكريم. ووفقًا للشريعة الإسلامية ومدونة الأسرة المغربية، تُعتبر نفقة الزوجة من الحقوق الواجبة على الزوج، وتُعطى الأولوية على نفقة الأقارب الآخرين، مثل الأب أو الأم.

تنص المادة 187 من مدونة الأسرة على أن نفقة كل إنسان تكون من ماله الخاص، إلا إذا تم استثناؤها بمقتضى القانون. وهذا يعني أن كل فرد مسؤول عن نفقته الخاصة من أمواله الخاصة، ما لم يكن هناك نص قانوني يلزم شخصًا آخر بتوفير النفقة له. وفي هذا الإطار، تنص المادة 194 من مدونة الأسرة على أن نفقة الزوجة تجب على زوجها، ويعود سبب وجوب هذه النفقة إلى الزواج بين الزوجين.

وقد نصت المادة 195 من مدونة الأسرة على أنه ” يحكم للزوجة بالنفقة من تاريخ إمساك الزوج عن الإنفاق الواجب عليه، ولا تسقط بمضي المدة إلا إذا حكم عليها بالرجوع لبيت الزوجية وامتنعت”.

ب – الأولاد:

من الحقوق التي أثبتتها الشريعة الإسلامية للأولاد على الآباء، وكرستها مدونة الأسرة، هي النفقة. تعتبر النفقة من أهم حقوق الأولاد على الآباء، وهي تدخل في إطار نفقة الأقارب التي تشمل توفير ما يحتاجه الأبناء من طعام، و كسوة، و علاج، و مسكن، بما يضمن لهم حياة كريمة.

فالأولاد، سواء كانوا ذكورًا أو إناثًا، يستفيدون من نفقة الأب حتى بلوغهم سن الرشد، وهي المرحلة التي يصبح فيها الأبناء قادرين على الاعتماد على أنفسهم. ولكن، بالنسبة للبنت، لا تسقط النفقة عن والدها ، فواجب الإنفاق على البنت لا يُحدد بوقت معين كما هو الحال مع الولد، بل يستمر طالما أن البنت غير قادرة على توفير احتياجاتها الخاصة.

فالنفقة على البنت تستمر حتى لو بلغت سن الرشد، ولا تنقضي إلا في حالتين: إذا أصبح للبنت مال خاص بها تستطيع من خلاله الإنفاق على نفسها، سواء كان من عملها الخاص أو من غيره، وإذا أصبحت النفقة واجبة على زوجها بعد الزواج، حيث يتحمل الزوج المسؤولية المالية عن الإنفاق على زوجته.

إذا كان الأمر يتعلق بأولاد مصابين بإعاقة جسدية أو ذهنية، وعاجزين عن الكسب، فإن نفقتهم تستمر على الأب ما داموا في هذه الحالة، بغض النظر عن سنهم.

إذا كان الأولاد يطلبون العلم في إحدى المدارس أو الكليات، فإن نفقتهم تجب دائمًا على الأب إلى أن ينهوا دراستهم، خصوصا إذا أظهرو رغبة و نشاطًا و نتيجة جيدة في دراستهم. يعتبر المشرع أن توفير النفقة في هذه الحالة يساهم في تمكين الأبناء من إتمام تعليمهم بشكل جيد.

وقد حدد المشرع مدة انتهاء النفقة في هذه الحالة عند السن الخامسة والعشرين، حيث يُمنح الطالب النجيب الفرصة لإكمال دراسته في ظروف ملائمة. هذا التحديد يهدف إلى توفير الدعم الكافي للطلاب الذين يظهرون جدية في دراستهم، مما يساعدهم في تحقيق أهدافهم التعليمية دون أن يواجهوا ضغوطًا مالية قد تعيق مسيرتهم الدراسية.

تبقى نفقة الأولاد واجبة على الأب، إلا إذا عجز كليًا أو جزئيًا عن الإنفاق عليهم، في هذه الحالة تصبح الأم ملزمة بالإنفاق على الأولاد، ولكن شريطة أن تكون موسرة (أي أن تكون قادرة ماليًا) في هذه الحالة، يُشترط أن النفقة التي تتحملها الأم يجب أن تكون بمقدار ما عجز عنه الأب.

يتضح من مقتضيات المادة 199 من مدونة الأسرة أن مساهمة الأم الموسرة في النفقة على أولادها جاءت على سبيل الاحتياط فقط. حيث اشترط المشرع أن تكون الأم موسرة، أي قادرة ماليًا، حتى تكون ملزمة بالمساهمة في نفقة الأولاد في حال عجز الأب عن الإنفاق عليهم. وبالتالي، إذا لم تكن الأم موسرة، فهي غير ملزمة بالإنفاق على الأولاد في هذه االحالة.

ويتجلى من النص أن وجود الأولاد هو الذي يبرر مساهمة الأم في النفقة، إذ أن النفقة على الأولاد تعد حقًا لهم، وبالتالي، فإن الزوجة يمكنها طلب التطليق إذا كان الزوج غير قادر على الإنفاق عليها، مما يبرر طلب الطلاق في حالة عدم قدرة الزوج على الوفاء بالتزاماته المالية تجاه الزوجة أو الأولاد.

ويحكم بنفقة الأولاد من تاريخ التوقف عن الأداء وكل توقف ممن تجب عليه نفقة الأولاد عن الأداء لمدة أقصاها شهر دون عذر مقبول، تطبق عليه أحكام إهمال الأسرة، أي أن هذا التوقف يشكل جنحة إهمال الأسرة المنصوص على عقوبتها في المواد 479 إلى 483 من القانون الجنائي ويكون ذلك دون حاجة إلى اتباع الإجراءات الخاصة بهذه الجنحة في الحالات الأخرى من إنذار أو صدور حكم بالنفقة.

وفي هذه الحالة، يعتبر التوقف عن دفع النفقة جنحة إهمال الأسرة، وهي جريمة منصوص عليها في المواد 479 إلى 483 من القانون الجنائي، وتُعاقب عليها القانون. المهم في هذه الحالات أن إجراءات الجريمة، مثل الإنذار أو صدور حكم بالنفقة، لا تكون ضرورية، إذ يمكن تطبيق العقوبات المتعلقة بإهمال الأسرة مباشرة في حالة التوقف عن الدفع دون مبرر.

ج – الوالدين:

النفقة على الوالدين واجبة على الأبناء. وهكذا نص المشرع المغربي في المادة 197 من مدونة الأسرة على أن ” النفقة على الأقارب تجب على الأولاد للوالدين وعلى الأبوين لأولادهما طبقا لاحكام هذه المدونة”.

2- مرفقات الشكاية :

تقدم شكاية إهمال الأسرة مباشرة إلى وكيل الملك مع ضرورة إرفاق الشكاية بالوثائق التالية :

– النسخة التنفيذية للحكم أو القرار

– محضر الامتناع الأصلي

– محضر أداء اليمين في حال تعليق استحقاق النفقة على أدائها.

3- بيانات الشكاية :

من حيث المبدأ لا يخضع تقديم شكاية إهمال الأسرة لأي شكلية معينة إلا أنه تيسيرا للإجراءات الإدارية ولضمان معالجة فعالة لها، من الضروري أن تحرر في شكل مكتوب يتضمن البيانات الآتية :

– الإشارة إلى أسماء الأطراف (المشتكي، المشتكى به).

– تحديد عناوين الأطراف بدقة أو إيراد كل معطى من شأنه تيسير البحث ( هاتف المشتكي والمشتكى به ولقب هذا الأخير أو رقم بطاقة تعريفه الوطنية إذا توفر).

– عرض الوقائع المشتكى منها.

– توقيع الشكاية.

4- الإجراءات التي تتخذها النيابة العامة :

– الاستماع للطرف المهمل أو المستحق للنفقة بخصوص ما جاء في شكايته.

– إعذار المخل بالواجب أو المدين بالنفقة بأن يقوم بما عليه في ظرف 30 يوما.

– يكون هذا الإعذار في شكل استجواب يقوم به أحد ضباط الشرطة القضائية بناء على تعليمات النيابة العامة، إلا إذا كان المخل هاربا أو ليس له محل إقامة معروف فإن ضابط الشرطة القضائية يسجل ذلك ويستغني عن الاستجواب.

– توجه تعليمات للشرطة القضائية بتحرير برقية بحث في حق المشتكى به المهمل الذي تعذر الاستماع إليه لوجوده في حالة فرار أو لسبب آخر.

5- القرارات التي تتخذها النيابة العامة :

بعد مرور 30 يوما من توصل المهمل أو المدين بالنفقة يتخذ وكيل الملك بناء على نتيجة البحث المجرى القرارات التالية:

– متابعة المشتكى به من أجل جريمة إهمال الأسرة في حال عدم أداء مبلغ النفقة.

– حفظ المسطرة : للأداء أو لتنازل المشتكي عن شكايته إلى حين إلقاء القبض على المشتكى به وكذا بسبب الإحالة للاختصاص.

Share this content:

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *