خصائص الحق العيني
الحق العيني هو سلطة مباشرة لشخص على شيء معين تمكنه هذه السلطة من استيفاء حقه من ذلك الشيء دون وساطة أحد ، ولهذا الحق خصائص تميزه عن الحق الشخصي وهذه المميزات والخصائص يمكن إجمالها فيما يلي: ميزة التتبع وميزة التقدم والأفضلية أوالأولوية،
كما أن الحق العيني حق مطلق يحتج به على الناس كافة، ومن خصائصه أيضا أن محل الحق العيني هو البارز حيث يظهر فيه المحل ويختفي المدين كما أنه يجوز التخلي عن الحق العيني وهو حق قابل للحيازة المادية.
أولا : الحق العيني يولي صاحبه ميزة التتبع
يعطي الحق العيني لصاحبة حق التتبع بحيث يستطيع صاحب الحق أن يتتبع الشيء في أي يد ينتقل إليها ليمارس حقه عليه، فالتتبع يعد تمسك بالحق في مواجهة الغير. وهو على هذا الأساس ليس إلا ميزة أو مكنة تقتضيها طبيعة الحق العيني وهو يصدق بالنسبة لجميع الحقوق العينية الأصلية منها والتبعية كما يرى غالبية الفقه ويظهر حق التتبع أكثر جلاء في الحقوق العينية التبعية وخاصة في الرهون وحقوق الامتياز،
فصاحب حق الامتياز يستطيع أن يمارس حقه على الشيء ولو انتقلت ملكيته إلى شخص آخر أما حق الملكية ذاته فلا يمارس حق التتبع عند الاعتداء عليه وإنما يمارس المالك دعوى الاستحقاق، كما أن صاحب الرهن الرسمي يمارس حق التتبع على العقار المرهون حتى ولو انتقلت ملكية العقار إلى مالك جديد بحيث يحق له اقتضاء مبلغ الدين المضمون بالرهن من العقار المرهون بعد بيعه.
وعلى خلاف ما سبق نجد صاحب الحق الشخصي لا يستطيع ممارسة حق التتبع على أموال المدين ولو أن له حق الضمان العام على كل أموال المدين ولكن ليس له الحق في منع انتقال الأموال من المدين أو انتقالها إليه ما دامت ذمة المدين يمكن لها تلقي الحقوق وتلتزم بالإلتزامات دون أن يكون للدائن العادي سلطة في منعه لأنه لا يعد من ذوي الحقوق العينية.
ثانيا : الحق العيني يخول صاحبه ميزة التقدم والأفضلية
وميزة التقدم أو الأفضلية تعني بأن صاحب الحق العيني يكون مفضلا على غيره من أصحاب الحقوق العينة الذين يكونون في مرتبة أدنى من مرتبته وبالتالي فهو يقدم على غيره من الدائنين في استيفاء دينه ، فصاحب الدين المضمون برهن رسمي مقدم على صاحب دين عادي ، صاحب الامتياز مقدم على صاحب الرهن الرسمي وأصحاب الحقوق العينية مقدمون على أصحاب الحقوق الشخصية وهكذا…
ثالثا : الحق العيني حق مطلق
يمكنك توسيع هذه الفقرة على النحو التالي:”يعتبر الحق العيني من الحقوق المطلقة التي يحتج بها على الناس كافة عدا صاحب الحق نفسه، وذلك لأنه يشمل العلاقة المباشرة بين الشخص وشيء معين، ويعطي لصاحبه سلطة كاملة على ذلك الشيء. هذا النوع من الحقوق يُعتبر ثابتًا ولا يمكن لأحد أن يتصرف فيه أو يعرقل ممارسته إلا في الحالات التي يحددها القانون، وبالتالي فإن صاحب الحق العيني يستطيع أن يطالب بحقه أمام أي شخص آخر، حتى وإن لم يكن ذلك الشخص طرفًا في العلاقة الأصلية. على سبيل المثال، إذا كان لشخص حق ملكية على عقار، فإن هذا الحق يعترف به من قبل الجميع ويمكن لأي شخص أن يُجبر على احترامه.
على العكس، يُعد الحق الشخصي حقًا نسبيًا، حيث يُحتج به فقط بين أطراف العلاقة القانونية، وهم الدائن والمدين. هذا الحق يتحدد في التزامات وحقوق تتعلق بالأشخاص فقط، ولا يمتد تأثيره إلى أطراف أخرى خارج تلك العلاقة. مثلًا، إذا كان شخص مدينًا لآخر بمبلغ من المال، فإن هذا الحق لا يؤثر إلا بين المدين والدائن، ولا يمكن للشخص الثالث أن يتدخل أو يُجبر على احترامه، إذ يقتصر الالتزام على الطرفين المعنيين فقط. وبالتالي، فإن الفرق الجوهري بين الحق العيني والحق الشخصي هو في نطاق الاحتجاج به، حيث يمتد الحق العيني ليشمل الجميع، بينما يظل الحق الشخصي محصورًا في الأطراف المتعاقدة.”
رابعا : اختفاء المدين وبروز محل الحق
إن العبرة بوجود الحق العيني هي في وجود الشيء وتعيينه، حيث لا يمكن أن يوجد هذا الحق أو يُمارس إلا إذا كان الشيء المعني موجودًا ومعينًا بوضوح. فالحق العيني يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالشيء نفسه، ويكون هذا الحق قائماً فقط على أعيان معينة ومحددة، مثل العقارات أو المنقولات التي يمكن تحديدها بصفة قاطعة. وبالتالي، لا يمكن لأي شخص أن يدعي حقًا عينيًا على شيء غير موجود أو غير محدد، بل يجب أن يكون الشيء المعني قابلًا للتمييز من غيره وأن يكون ذا وجود مادي أو قانوني يمكن التأكد منه.
ان محل الحق يختلف عن مضمونه، فمحل الحق هو الشيء الذي يرد عليه الحق، أي هو العنصر المادي أو المعنوي الذي يتمتع بالحماية القانونية أو التي يترتب عليها الحق. بعبارة أخرى، محل الحق هو الموضوع الذي يتعلق به الحق، سواء كان ذلك شيئًا ماديًا كالمال أو العقار، أو شيئًا غير مادي مثل حق الملكية الفكرية أو حقوق الشخص على اسمه وصورته. وبالنسبة للحقوق العينية، فإن محل الحق يكون شيئًا معينًا بالذات، كما في حالة ملكية عقار أو سيارة، بينما في الحقوق الشخصية، يكون محل الحق هو الالتزام أو الطلب الذي يفرضه العقد أو العلاقة القانونية بين الأطراف.
أما مضمون الحق، فهو ما يحدد نطاق هذا الحق وكيفية استخدامه أو ممارسته، بما في ذلك الحقوق والسلطات التي يخولها هذا الحق لصاحبه. يعني أن مضمون الحق يتضمن العناصر التي تحدد كيفية التصرف في المحل، مثل سلطة التملك أو الإيجار أو البيع بالنسبة للحقوق العينية، أو سلطة المطالبة بالوفاء بالديون أو تنفيذ التزامات معينة في حالة الحقوق الشخصية. يشمل المضمون أيضًا الحقوق التي يتمتع بها الشخص صاحب الحق، مثل الحق في التصرف، الانتفاع، أو التملك، وأي قيود أو شروط قد تطرأ على ممارسة هذا الحق.
فمضمون حق الملكية هو سلطة المالك في الاستعمال والاستغلال والتصرف، أي أن المالك يتمتع بمجموعة من الحقوق التي تخول له التحكم الكامل في الشيء المملوك ، أما محله فهو الشيء المملوك، أي العنصر المادي أو المعنوي الذي يرد عليه حق الملكية. يمكن أن يكون المحل شيئًا ماديًا، مثل العقار أو المنقولات، أو شيئًا غير مادي مثل حقوق الملكية الفكرية، كحقوق المؤلف أو براءات الاختراع. والحق في ملكية الشيء يظل دائمًا مرتبطًا بهذا المحل، حيث لا يمكن تصور حق ملكية بدون وجود شيء معين يتمتع بذلك الحق.
خامسا : إمكانية التخلي عن الحق العيني
يجوز لصاحب الحق العيني التخلي عن هذا الحق، فإذا كان ملتزما بالتزام عيني أي بالتزام يتعلق بالحق العيني فإنه يمكن له التخلي عن الحق العيني، بينما لو كانت هذه الالتزامات شخصية لما أمكن له التخلص منها لأن الإلتزام الشخصي رابطة بين شخصين: الدائن والمدين، فالمدين لا يستطيع التخلص من هذه الرابطة إلا برضاء الدائن.
سادسا : الحق العيني قابل للحيازة المادية
صاحب الحق العيني تثبت له الحيازة المادية للشيء محل الحق ، لأن مالك الشيء يحوزه عادة ، وتعتبر هذه الحيازة مظهرا ماديا لسلطته القانونية على الشيء ومن ثم يمكن اكتساب الملكية عن طريق التقادم بالحيازة متى توافرت شروطها.
تم الاستفادة من عدة مراجع قانونية لإعداد هذا المقال، منها:
– عبد الخالق أحمدون: الوجيز في الملكية العقارية والضمانات العينية في ضوء مشروع القانون رقم 19.01 والتشريعات المقارنة، الجزء الأول، مطبعة طوب بريس بالرباط، طبعة 2007 .
– محمد بن أحمد بونبات: الحقوق على العقارات دراسة شاملة لواقع العقار والحقوق العينية على ضوء التشريع المغربي، سلسلة آفاق القانون رقم 17 سنة 2009.
– محيي الدين اسماعيل علم الدين: نظم الكراء بالمغرب، مطبعة الساحل بالرباط 1986.
– عبد الرزاق أحمد السنهوري: الوسيط في شرح القانون المدني، الجزء الأول، نظرية الالتزام بوجه عام، الطبعة الثانية، دار النهضة العربية بالقاهرة ، طبعة 1964 م، 118
– ادريس الفاخوري، الحقوق العينية وفق القانون رقم 39.08، سلسلة المعارف القانونية والقضائية.
Share this content: