|

حق الاستعمال في مدونة الحقوق العينية

حق الاستعمال كان منظما في ظل ظهير 19 رجب 1333 تحت ما كان يسمى حق الاستعمال والسكنى حيث نظمهما المشرع المغربي في الفصول من 76 إلى 86 من الظهير السابق، وحق الاستعمال والسكنى هما حقان مصغران عن حق الانتفاع لأنهما يقصران سلطة صاحب الحق على استعمال الشيء فقط دون استغلاله ومن ثم يمكن تكييف حقوق المنتفع بشكل يصبح هذا الشكل قاصرا على الاستعمال أو السكنى.

غير أن مدونة الحقوق العينية نظمت فقط حق الاستعمال دون السكنى ويكون هذا تضييق من المشرع المغربي من نطاق الحق الأصلي إذ أقصى ما يحصل عليه صاحب حق الاستعمال هو استعمال الشيء في حدود الحاجة. وهذا ما نصت عليه المادة 112 من مدونة الحقوق العينية حيث جاء فيها ” من له حق الاستعمال على ثمار عقار لا يمكنه أن يأخذ إلا بمقدار ما يلزم منها لسد حاجياته وحاجيات من تلزمه نفقته.

إذا تعلق هذا الحق بسكنى دار فلا يجوز لصاحبه أن يستعمله إلا بمقدار حاجاته أوحاجات من تلزمه نفقته”.

أولا – الأموال الخاضعة لحق الاستعمال :

نصت المادة 110 من مدونة الحقوق العينية المغربية على أنه يمكن أن يقرر حق الاستعمال:

أولا: على الملكية العقارية :

يشمل هذا الحق الانتفاع بالملكية العقارية بشكل يتيح لصاحبه استخدام العقار أو جزء منه لغرض معين، دون أن يكون له الحق في التصرف فيه بالبيع أو أي تصرف ناقل للملكية. يُعتبر هذا الحق من الحقوق العينية المتفرعة عن الملكية، ويُستخدم غالبًا في أغراض السكن أو الاستغلال.

ثانيا: على حق السطحية :

خصصت مدونة الحقوق العينية لهذا الحق 5 مواد (من المادة 116 إلى المادة 120)، وقد نصت في المادة 116 على أن “السطحية حق عيني قوامه ملكية بنايات أو منشآت أو أغراس فوق أرض الغير، وينتقل بالشفعة أو بالإرث أو بالوصية. لا يمكن ترتيب حق السطحية على حقوق مشاعة إلا باتفاق جميع الشركاء”.

فحق السطحية اذن هو ملكية محصور نطاقها في الأبنية والاغراس، دون الأرض التي أقيمت عليها، فهو حق لا يترتب إلا على الأرض، وأما ما يقام فوق سطح البناء، فلا يدخل ضمن مفهوم حق السطحية.

ثالثا: على حق الزينة :

خصصت مدونة الحقوق العينية لحق الزينة 7 مواد (من المادة 131 إلى المادة 137)، وقد عرفت المدونة في المادة 131 الزينة بقولها “الزينة حق عيني يخول صاحبه ملكية البناء الذي شيده على نفقته فوق أرض الغير. ينشأ هذا الحق بالعقد مع تشييد البناء، وينتقل بالشفعة أو بالإرث أو بالوصية. لا يمكن ترتيب حق الزينة على حقوق مشاعة إلا باتفاق جميع الشركاء”.

هناك تطابق بين هذه المادة، والمادة 116 المتعلقة بمفهوم حق السطحية، إلى درجة الخلط بين حق السطحية وحق الزينة، وما يمكن أن يميز بين الحقين هو ما ورد في المادة 134 من المدونة ونصها “يجب أن لا تتجاوز مدة حق الزينة أربعين سنة، فإذا نص العقد على مدة أطول أو سكت عن تحديد المدة، فإن المدة المعتبرة هي أربعون سنة”.

رابعا: على حق الهواء أو التعلية :

حق الهواء والتعلية هو الحق العاشر من الحقوق العينية الأصلية، به ختمت المدونة القسم الأول من الكتاب الأول، وخصصت لهذا الحق 4 مواد (من المادة 138 إلى المادة 141)، نصت المادة 138 منها على أن “حق الهواء والتعلية حق عيني قوامه تملك جزء معين من الهواء العمودي الذي يعلو بناء قائما فعلا يملكه الغير، وذلك من أجل إقامة بناء فوقه تسمح به القوانين والأنظمة”.

فالمقصود بحق الهواء ذلك الحيز الذي يعلو العقار المبني ، وتمتد اليه الملكية بصورة تبعية، بمعنى وجود مالكين أحدهما مالك للأصل ، وثانيهما مالك للفضاء، الذي عبرت عنه المدونة بالهواء والتعلية، فملكية الهواء والتعلية منفصلة عن ملكية العقار الذي هو الأصل.

ثانيا – نطاق حق الاستعمال :

نصت المادة 111 من مدونة الحقوق العينية على أنه ” يحدد نطاق حق الاستعمال وكذا حقوق والتزامات صاحب هذا الحق بمقتضى السند المنشئ له”.

في حالة عدم تحديد نطاق حق الاستعمال في السند المنشئ له، فإن تطبيق هذا الحق يخضع لقاعدة عامة تهدف إلى تحقيق التوازن بين مصالح صاحب الحق ومصالح مالك العقار. وهذا يعني أن المستفيد من حق الاستعمال لا يملك حرية مطلقة في استغلال ثمار العقار، بل يتم تقييد استغلاله بما يتناسب مع احتياجاته الأساسية واحتياجات الأشخاص الذين تلزمه نفقتهم.

كما ورد في الفقرة الأولى من المادة 112 من مدونة الحقوق العينية ” إذا لم يتضمن السند المنشئ لحق الاستعمال نطاق هذا الحق، فإن من له حق الاستعمال على ثمار عقار لا يمكنه أن يأخذ إلا بمقدار ما يلزم منها لسد حاجياته وحاجيات من تلزمه نفقته”.

إذا تعلق حق الاستعمال بسكنى دار، فإن نطاق هذا الحق يكون مقيدًا بحاجات المستفيد فقط، أو حاجات الأشخاص الذين تلزمه نفقتهم. وهذا يعني أن المستفيد لا يمكنه استخدام العقار بشكل يتجاوز حدود احتياجاته الفعلية، سواء من حيث السكنى أو الاستفادة من مرافق العقار، طبقا لما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة 112 من مدونة الحقوق العينية.

وقد أخضع المشرع المغربي مبدئيا حق الاستعمال لنفس الأحكام الخاصة بحق الانتفاع إذ ينشأ وينقضي بنفس الأسباب التي ينشأ وينقضي بها حق الانتفاع على أن ينص في العقد المنشئ لهذا الحق على طبيعته العينية (المادة 109 من مدونة الحقوق العينية).

وحق الاستعمال يرتب مجموعة من الالتزامات القانونية على عاتق المستفيد، حيث تكون هذه الالتزامات محددة في السند المنشئ للحق. وهذه الالتزامات تهدف إلى تنظيم العلاقة بين صاحب حق الاستعمال ومالك العقار، وضمان استخدام الحق ضمن الحدود التي يفرضها القانون والسند المنشئ له.، فلا يجوز له مثلا التصرف في هذا الحق إلى الغير ( المادة 113 من مدونة الحقوق العينية).

بمعنى أن حق الاستعمال لا يجوز لصاحبه أن يقوم بنقله إلى الغير بأي وسيلة من وسائل التصرف القانوني، سواء كان ذلك عن طريق البيع أو الإيجار أو التنازل أو أي شكل آخر من التصرفات التي تُخرجه من دائرة سيطرته الشخصية. هذا التقييد يعكس الطبيعة الخاصة لهذا الحق، حيث إنه يُمنح لصاحبه فقط ليستفيد منه شخصيًا أو وفق الغرض المحدد عند إنشائه. وبالتالي، لا يمكن استغلاله لأغراض تجارية أو تحقيق منفعة مالية عن طريق التصرف فيه للغير.

ذلك أن لحق الاستعمال طابع شخصي يفرض أن يتمتع به صاحبه بصورة شخصية في حدود حاجاته وحاجات من تلزمه نفقته، وذلك بخلاف حق الانتفاع الذي هو أوسع نطاقا لما يخول حقي الاستعمال والاستغلال للمنتفع، كما أن صاحب حق الاستعمال ملزم أن يبذل في المحافظة على العقار الوارد عليه هذا الحق العناية التي يبذلها الشخص الحريص على ملكه ( المادة 114 من مدونة الحقوق العينية).

وصاحب حق الاستعمال ليس ملزمًا بتحمل التكاليف العادية المفروضة على العقار، ولا نفقات إصلاحه وصيانته إلا بالقدر الذي يستعمله من العقار. وهذا يعني أن التزاماته المالية تجاه العقار تتناسب مع مدى استفادته الفعلية منه، وفق ما نصت عليه المادة 115 من مدونة الحقوق العينية.


تم اقتباس هذا المقال من عدة مراجع قانونية، منها:

  • زيد قدري الترجمان: مدخل لدراسة القانون الجزء الثاني نظرية الحق مطبعة النجاح الجديدة، طبعة 1987.
  • محمد بن أحمد بونبات: الحقوق على العقارات دراسة شاملة لواقع العقار والحقوق العينية على ضوء التشريع المغربي، سلسلة آفاق القانون رقم 17 سنة 2009 .
  • إدريس الفاخوري، الحقوق العينية وفق القانون رقم 39.08.

Share this content:

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *