|

حق الارتفاق

عرفت المادة 37 من مدونة الحقوق العينية حق الارتفاق بأنه ” حق عيني قوامه تحمل مقرر على عقار من أجل استعمال أو منفعة عقار يملكه شخص آخر” وهو نفسه الذي كان سائدا في الفصل 108 من ظهير 19 رجب.

ومن التعريف السابق يتضح بأن حق الارتفاق هو حق مقرر لخدمة عقار يسمى العقار المخدوم على آخر غير مملوك للمالك الأول ويسعى العقار الخادم، ويقيد من سلطة صاحب العقار الخادم لمصلحة صاحب العقار المخدوم، ومن أمثلة حقوق الارتفاق: حق المرور، وهو حق مقرر لعقار معين على عقار مجاور له، فيكون لمالك العقار المخدوم سلطة المرور في العقار. وتمتاز حقوق الارتفاق بالخصائص التالية:

1- أنها من الحقوق العينية العقارية لأنها لا تترتب إلا على العقارات.

وهذا يمنح إمتياز لصاحب حق الارتفاق يتمثل في إمكانية ممارسة التعرض بالإستناد إلى هذا الحق متى تحققت موجباته.

غير أنه حتى يكون التعرض صحيحا فإنه يشترط في الإرتفاق أن يكون قائما على العقار المراد تحفيظه. وهكذا جاء في قرار المحكمة النقض ما يلي “لكن حيث إنه ردا على السببين معا لتداخلهما فإن إجراء خبرة قضائية بإعتباره من إجراءات التحقيق، لا تقوم به المحكمة إلا إذا كان ضروريا للفصل في النزاع وأن المحكمة بما لها من سلطة تقديرية في تقييم الأدلة والأبحاث التي تقوم بها واستخلاص قضائها منها.

فإن القرار المطعون فيه حين علل بأنه تبين لها أن المحكمة الإبتدائية إنتقلت إلى عين المكان، وتبين لها عدم وجود أي حق ارتفاق بالمرور لفائدة المتعرض على الملك موضوع مطلب التحفيظ كما تم الإستماع إلى مجموعة من الشهود بعين المكان بما فيهم الجيران أكدوا عدم وجود أي ممر للمتعرض على ملك طالب التحفيظ.

موضحين أن ملك المتعرض كان يستغل عن طريق المرور إليه من باب صغير يوجد جهة ملك ورثة المتعرض والذي لا يزال يقطنونه إلى الآن، فإنه نتيجة لذلك يكون القرار ممثلا تعليلا كافيا وغير خارق لحقوق الدفاع والسببان بالتالي غير جديرين بالإعتبار( قرار محكمة النقض عدد 3431 المؤرخ في 24 / 11 / 2004 ملف مدني).

2- أنها من الحقوق المؤبدة لأنها قائمة على العقارات فقط ومن خاصيات العقار صفة الديمومة والبقاء، غير أن هذا لا يمنع من تحديد حق الارتفاق بأجل معين أو تعليقه على شرط مسقط له.

3- أنها حقوق لا تقبل الانتقال بشكل منفصل عن العقار المرتفق من ثم لا يمكن توقيع الحجز عليها، كما لا يجوز أن تكون محلا للرهن بصورة منفردة.

4- حق الارتفاق لا يقبل التجزئة إذ يقرر لمنفعة كل جزء من أجزاء العقار المرتفق ويترتب على كل جزء من أجزاء العقار المرتفق به.

أولا – نشأة حق الارتفاق :

تنص المادة 38 من مدونة الحقوق العينية على أنه ” ينشأ الارتفاق إما عن الوضعية الطبيعية للأماكن أو بحكم القانون أو باتفاق المالكين” . كما أن حقوق الارتفاق كسائر الحقوق العينية يمكن اكتسابها بالتقادم بالنسبة للعقارات غير المحفظة. وعلى ضوء ما سبق فإن حقوق الارتفاق يتم إنشاؤها إما بفعل الطبيعة وتسمى ارتفاقات طبيعية، أو بطريق القانون وتسمى ارتفاقات قانونية، أو بطريق الإرادة وتسمى ارتفاقات منشأة بإرادة الإنسان.

1) حقوق الارتفاق الطبيعية :

الارتفاقات الطبيعية تحمل تفرضه الوضعية الطبيعية للأماكن على عقار لفائدة عقار مجاور ( المادة 39 من مدونة الحقوق العينية)، ويعتبر بمثابة حقوق ارتفاق طبيعية:

أ – سيل المياه الطبيعية من الأراضي العالية على الأراضي المنخفضة، فقد نصت المادة 60 من مدونة الحقوق العينية على أنه ” تتلقى الأراضي المنخفضة المياه السائلة سيلا طبيعيا من الأراضي التي تعلوها دون أن تساهم يد الإنسان في إسالتها، ولا يجوز لمالك الأرض المنخفضة أن يقيم سدا لمنع هذا السيل، كما لا يجوز لمالك الأرض العالية أن يقوم بما من شأنه أن يزيد في عبء الارتفاق الواقع على الأرض المنخفضة”.

ب – حق المالك في استعمال مياه المطر التي تنزل في أرضه والتصرف فيها ( المادة 61 منمدونة الحقوق العينية).

2) حقوق الارتفاق القانونية :

الارتفاق القانوني هو تحمل يفرضه القانون على عقار. ويمكن أن يقرر لمنفعة عامة أو خاصة ( المادة 40 من مدونة الحقوق العينية).

أ – حقوق الارتفاق القانونية العائدة للمنفعة العامة :

منها على سبيل المثال وليس الحصر الارتفاق المقرر لمصلحة مياه الأملاك العامة ( الفصل 31 من القانون رقم 10.95 الخاص بالماء)، وحقوق الارتفاق المقررة لمصلحة الخطوط البرقية والهاتفية ( الفصل 3 من ظهير 7 شعبان 1332 الموافق لفاتح يوليوز 1914 بشأن الأملاك العامة) .

وحقوق الارتفاق المقررة لمصلحة المواقع الحربية والمنشآت العسكرية حيث يمنع على أصحاب العقارات المجاورة لهذه المنشآت والمواقع وحتى مسافة أفقية قدرها 250 مترا القيام بأي بناء أو أغراس على هذه الأجزاء من عقاراته ( الفصل 2 من ظهير 25 ربيع الثاني 1353 الموافق لـ 7 غشت 1934 بشأن الارتفاقات المقررة لمصلحة الملاحة الجوية)

حيث يمنع على أصحاب العقارات المجاورة للمطارات أو لقواعد الطيران إقامة أي منشآت أكثر من علو معين ( الفصل الأول وما يليه من ظهير فاتح شعبان 1957 الموافق لـ 26 سبتمبر1938 بشأن الارتفاقات المقررة في سبيل المصلحة الجوية).

ب – حقوق الارتفاقات القانونية العائدة للمنفعة الخاصة :

يمكن إجمال هذه الحقوق في نوعين:

– حق ارتفاق المرور: المقرر لمصلحة العقار المحاط من كل جانب والذي لا يوجد له منفذ إلى الطريق العام أو له منفذ غير كاف لاستثماره زراعيا أو صناعيا فإنه يمكن له طلب ممر في الأراضي المجاورة له مقابل دفع تعويض بنسبة الضرر الذي قد يسببه ( المادة 11 من مدونة الحقوق العينية).

– حق المجرى: وهو الحق في تمرير ماء الري من مورده بأرض الغير للوصول به إلى الأرض المراد سقيها به وذلك عبر مجرى أو مواسير ( المادة 56 من مدونة الحقوق العينية). وهذا الحق يجعل لكل مالك ارض يريد أن يسقيها، من مورد له الحق في استعماله، أن يحصل على مرور المياه في الأراضي الواقعة بين أرضه وبين ذلك المورد مقابل تعويض مناسب يدفع مقدما وبشرط أن يقام المجرى وما يلزم للانتفاع به في مكان لا ينتج عنه إلا أقل ضرر ( المادة 57 من مدونة الحقوق العينية).

ونفس الأحكام الواردة في مدونة الحقوق العينية بخصوص حق المجرى وردت في قانون الماء رقم 10.95 بظهير 18 ربيع الأول 1416 (16 غشت 1995) وخاصة المادة 28 منه.

3) حقوق الارتفاق المنشأة بإرادة الإنسان :

نصت المادة 41 من مدونة الحقوق المينية على أنه ” يجوز لملاك العقارات إحداث ارتفاقات عليها أو لفائدتها وذلك باتفاق فيما بينهم مع مراعاة أحكام القانون. يجب أن يبين في العقد نطاق هذا الحق وكيفية استعماله”.

وبمقتضى هذه المادة فإنه لا بد لصحة الارتفاق المنشأ بإرادة الإنسان من توافر الشروط التالية :

1 – يجب أن لا يكون الارتفاق مخالفا للقانون أو النظام العام كما في إنشاء حق ارتفاق بالمرور لتسهيل تهريب المخدرات.

2 – يجب أن يكون الارتفاق مقررا لمنفعة عقار لا لمنفعة شخص ذلك أن التكليف الذي يستفيد منه شخص بصفته مالكا للعقار من غير أن يستفيد منه العقار نفسه لا يعتبر ارتفاقا وهو تكليف باطل.

3- يجب أن يكون الارتفاق مقرر على عقار لا على شخص.

ثانيا – انقضاء حقوق الارتفاق :

نصت المادة 69 من مدونة الحقوق العينية على أنه ” ينقضي حق الارتفاق بأحد الأسباب الآتية:

– بانتهاء الأجل المحدد له.

– بالتنازل عن حق الارتفاق ممن له الحق فيه.

– باجتماع العقارين في يد مالك واحد.

– بصيرورة العقار المرتفق أو العقار المرتفق به في وضعية لا يمكن معها استعمال هذا الحق.

– بهلاك العقار المرتفق أو العقار المرتفق به هلاكا كليا.

– بزوال الغرض الذي أحدث من أجله”.


تم اقتباس هذا المقال من مراجع قانونية، منها:

  • محمد مومن: حقوق الارتفاق في القانون المغربي، الطبعة الأولى 2002 المطبعة والوراقة الوطنية بمراكش الطبعة الأولى 2012.
  • عمر أزوکار: مستجدات التحفيظ العقاري في ضوء قانون 14.07 ومدونة الحقوق العينية، دراسة عملية ورصد المواقف القضائية لمحكمة النقض، منشورات دار القضاء بالمغرب، الطبعة الأولى 2012.
  • إدريس الفاخوري، الحقوق العينية وفق القانون رقم 39.08.

Share this content:

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *