جريمة الإجهاض
|

جريمة الإجهاض: أركانها، وظروف التشديد في التشريع الجنائي المغربي

الإجهاض من الوجهة الاجتماعية يحقق ضررا مؤكدا هو انهاء حياة الجنين أو اعدامه قبل أن تكتمل خلقته وينفصل عن جسم أمه. والجنين وإن لم ير النور بعد ولم يكتسب سائر حقوق الأحياء فإن القضاء عليه مخالف للفطرة السليمة فلا يمكن أن يكون من حق الأم أو من حق الأبوين، بل ولا من حق المجتمع.

كما يشكل الاجهاض خطرا بضرر آخر هو امكانية القضاء على حياة الأم كذلك فالطب يؤكد أنه عملية خطيرة على سلامة الأم ، وإن قام بها طبيب مختص وفي الأيام الأولى للحمل، ورضى الأم لا يغير شيئا من طبيعة هذه الخطورة، لأن سلامة الأفراد حق اجتماعي لا يملك الفرد التعامل فيه .

وبسبب هذه الخطورة المزدوجة للاجهاض بالنسبة للجنين والأم فإنه لا يوجد تشريع اليوم يجعل منه عملا مباحا دون قيد أو شرط .

وفي الشريعة الاسلامية اجمع الأئمة على تحريم الاجهاض ايا كان السبب الدافع إليه وإن كان مبدأ ” إذا اجتمع ضرران ارتكب اخفهما ” يسمح بامكانية الاجهاض بهدف انقاذ حياة الأم.

أما في التشريعات المقارنة ، فإن المبدأ العام هو العقاب عليه، ثم تتفاوت التشريعات بعد ذلك في الحدود التي تسمح به فيها. ففي القانون الفرنسي كان الاجهاض جناية ثم لوحظ أن قساوة العقوبة تحمل المستشارين في محاكم الجنايات على الحكم بالبراءة كلما وجدوا إلى ذلك سبيلا، فصدر تعديل لهذا القانون سنة 1923 خفض الجزاء إلى عقوبة الحبس الجنحية مع رفع العقوبة إذا قام به الأطباء أو الصيادلة أو طلبة الطب أو المولدات، وتخفيضها ان كانت الأم هي التي قامت به.

وفي سنة 1939 صدر تعديل آخر كان من أهم أحكامه ، العقاب على محاولة الاجهاض ولو كانت المرأة في الواقع غير حامل ، وتقرير عقوبة خاصة لحالة الاعتياد على الاجهاض ، ومن هذين التعديلين، اقتبس القانون المغربي نصوصه كما سترى.

وإذا كان الاتجاه السائد في سائر التشريعات هو السماح بالاجهاض في حالات الضرورة فإن مفهوم الضرورة يختلف من تشريع إلى آخر، فمنها ما يقصرها على حالة تعرض حياة الأم للخطر كما كان الأمر في القانون المغربي ومنها ما يكتفي بأن تستدعي الاجهاض المحافظة على صحة الأم كالقانون السويسري والقانون المغربي حاليا ، ومنها ما يجعل من الضرورة عدم رغبة الأم في الجنين لأنها حملت به من اغتصاب أو من علاقة مع أحد محارمها مثل القانونين الايطالي والبولوني.

هذا، وقد امتد التجريم اليوم إلى التحريض على استعمال وسائل الاجهاض أو الارشاد اليها ، أو ترويجها .

أولا // الإجهاض في القانون المغربي :

لم يكن في القانون الجنائي المغربي نصوص خاصة بجريمة الاجهاض، إلى أن صدر ظهير عاشر يوليو 1939 الذي يعاقب على الدعاية والتحريض على التقليل من الانجاب والتناسل ، الأمر الذي يدل على اتجاه نية المشرع إلى منع الاجهاض من باب أولى ، لأنه إذا عاقب على مجرد التحريض على التقليل من الانجاب ، فإن الاجهاض يجب أن يعاقب عليه بصرامة أكبر، وقد كان الأمر فيه كما في غيره من الجرائم يرجع إلى المحاكم المخزنية التي لم تكن مقيدة بأية نصوص مكتوبة.

وعندما صدر القانون الجنائي الحالي تعرضت فصوله من449 إلى 458 لجريمة الاجهاض والجرائم الملحقة بها .

وهكذا عاقب الفصل 449 على الاجهاض العادي أو محاولة الإجهاض بالحبس من سنة إلى خمس سنوات وغرامة من مائتين إلى خمسمائة درهم. وإذا نتج عن ذلك موتها، ترتفع العقوبة لتصل إلي السجن من عشر إلى عشرين سنة، سواء كان ذلك بواسطة طعام أو شراب أو عقاقير أو تحايل أو عنف أو أية وسيلة أخرى.

وأضاف الفصل 250 أنه ” إذا ثبت أن مرتكب الجريمة يمارس الأفعال المشار إليها في الفصل السابق بصفة معتادة، ترفع عقوبة الحبس إلى الضعف في الحالة المشار إليها في الفقرة الأولى، وتكون عقوبة السجن من عشرين إلى ثلاثين سنة في الحالة المشار إليها في الفقرة الثانية…”

وتعرض الفصل 451 للاطباء والممرضين ومن في حكمهم الذين يرشدون إلى وسائل الاجهاض أو ينصحون باستعمالها أو يباشرونها، وهكذا جاء فيه أن ” الأطباء والجراحون وملاحظو الصحة وأطباء الأسنان والقابلات والمولدات والصيادلة وكذلك طلبة الطب أو طب الأسنان أو الصيدلة وعمال الصيدليات والعشابون والمضمدون وبائعو الأدوات الجراحية والممرضون والمدلكون والمعالجون بالتسبب والقابلات العرفية الذين يرشدون إلى وسائل تحدث الإجهاض أو ينصحون باستعمالها أو يباشرونها، يعاقبون بالعقوبات المقررة في أحد الفصلين 449 و 450 على حسب الأحوال. ويحكم على مرتكب الجريمة، علاوة على ذلك، بالحرمان من مزاولة المهنة المقرر في الفصل 87، إما بصفة نهائية، أو لمدة محدودة”.

و من خرق المنع من مزاولة المهنة المحكوم به عليه، طبقا للفقرة الأخيرة من الفصل 451 ، يعاقب بالحبس من ستة أشهر إلى سنتين وغرامة من خمسمائة إلى خمسة آلاف درهم، أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط، وإلا ذلك أشار الفصل 452 من القانون الجنائي.

وقرر الفصل 454 عقوبة مخففة للمرأة التي تجهض نفسها أو تحاول ذلك أو تقبله، أو رضيت باستعمال ما رشدت إليه أو ما أعطي لها لهذا الغرض، إذ تعاقب تبعا لذلك بالحبس من ستة أشهر إلى سنتين وغرامة من مائتين إلى خمسمائة درهم.

ويعاقب الفصل 555 التحريض على الاجهاض بالحبس من شهرين إلى سنتين وغرامة من مائتين إلى ألفي درهم، أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط، ولو لم يؤد هذا التحريض إلى نتيجة ما، وتجري نفس العقوبات على كل من باع أدوية أو مواد أو أجهزة أو أشياء، كيفما كان نوعها أو عرضها للبيع أو عمل على بيعها أو وزعها أو عمل على توزيعها بأية طريقة كانت مع علمه أنها معدة للإجهاض حتى ولو كانت هذه الأدوية أو المواد أو الأجهزة أو الأشياء المقترحة كوسائل فعالة للإجهاض غير قادرة عمليا على تحقيقه.

أما الفصلين 456 و 457 فتقرر تطبيق الحرمان بقوة القانون من أية وظيفة في مصحة أو دار للولادة أو في أي مؤسسة عامة أو خاصة، تستقبل الحوامل على كل من صدر عليه الحكم بالادانة باحدى جرائم الاجهاض سواء صدر الحكم داخل المغرب أو خارجه، ويعاقب الفصل 458 المخالف للمنع المفروض بالفصلين 456 و 457 من القانون الجنائي .

وكان السبب الوحيد الذي سمح معه القانون بالاجهاض هو الذي تضمنه الفصل 453 الذي ينص على أنه “لا عقاب على الاجهاض إذا استوجبته ضرورة المحافظة على صحة الأم متى قام به علانية طبيب أو جراح باذن من الزوج. ولا يطالب بهذا الإذن إذا ارتأى الطبيب أن حياة الأم في خطر غير أنه يجب عليه أن يشعر بذلك الطبيب الرئيسي للعمالة أو الإقليم.

وعند عدم وجود الزوج أو إذا امتنع الزوج من إعطاء موافقته أو عاقه عن ذلك عائق فإنه لا يسوغ للطبيب أو الجراح أن يقوم بالعملية الجراحية أو يستعمل علاجا يمكن أن يترتب عنه الإجهاض إلا بعد شهادة مكتوبة من الطبيب الرئيس للعمالة أو الإقليم يصرح فيها بأن صحة الأم لا تمكن المحافظة عليها إلا باستعمال مثل هذا العلاج”.

ثانيا // عناصر جريمة الإجهاض :

بالرغم من المرونة التي سلكها القانون الجنائي ازاء الإجهاض ، فإن المبدأ العام فيه هو العقاب عليه ولذلك نص في الفصل 449 على أن ” من أجهض أو حاول اجهاض امرأة حبلى أو يظن أنها كذلك ، برضاها أو بدونه سواء كان ذلك بواسطة طعام أو شراب أو عقاقير أو تحايل أو عنف أو أية وسيلة أخرى، يعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات وغرامة من مائتين إلى خمسمائة درهم” . يؤخذ من هذا الفصل أن لجريمة الاجهاض ثلاثة عناصر فعل مادي وانتفاء الخطر عن صحة الأم وقصد جنائي :

أولا – الفعل المادي في جريمة الإجهاض :

لقد عمم القانون في الفعل المادي المكون لجريمة الاجهاض فيشمل كل وسيلة مادية استعملت لطرد الجنين من رحم أمه قبل الأوان والقضاء على حياته، مثل العنف والأدوية والعقاقير وأية مادة أخرى، أعطيت في طعام أو شراب أو عن طريق الحقن أو غيره وبالأحرى ادخال مادة أو أداة إلى الرحم للفتك بالحمل مباشرة.

بل إن النص الذي يقول ” أو أية وسيلة أخرى” يكون قابلا للتطبيق في الحالات التي تستعمل للاجهاض فيها وسائل مشروعة ظاهرا ، مثل الألبسة الضيقة جدا وممارسة رياضات خشنة تؤدي إلى الاجهاض كحمل الأثقال وركوب الخيل وما إلى ذلك ، ولكن في هذه الحالة يتعين أن يثبت القصد الجنائي ، إذ ربما تكون المرأة قد مارست ذلك عن تهور وطيش غير منتبهة إلى آثاره على الحمل.

ولا أهمية لدرجة نمو الجنين، فالجريمة تتحقق من وقت ثبوت التلقيح إلى وقت ظهور عوارض الولادة الطبيعية ، فقد سبق أن رأينا أن جريمة القتل العمد يبدأ تطبيقها من لحظة بدء المخاض أما قبل ذلك فيخضع الاعتداء على الجنين لجريمة الاجهاض.

وأشار الفصل 449 إلى أن رضى المرأة الحامل لا أثر له على قيام الجريمة فيستوي أن توافق على إجهاضها أو ترفض وتجهض رغما عنها أو عن طريق الاحتيال عليها كإعطائها مواد أو عقاقير دون علمها ، أو ايهامها بإجراء كشف طبي فيستأصل الحمل عن جهل منها ، وفي حالة رضى الحامل وموافقتها تطبق عليها العقوبة المخففة الواردة في الفصل 454 وهي الحبس من ستة أشهر إلى سنتين وغرامة من مائتين درهم إلى خمسمائة درهم.

ويتحقق الفعل المادي للاجهاض وبالتالي تقوم الجريمة سواء كان الفعل في صورة الجريمة التامة بأن يتحقق فعلا الفتك بالحمل ، أو كان في احدى صور المحاولة الثلاث : الموقوفة ، والخائبة، والمستحيلة، وهكذا يعاقب الفاعل إذا أوقف بسبب خارج عن ارادته بعد أن شرع في التنفيذ أو قام بأعمال لا لبس فيها تهدف مباشرة إلى ارتكاب الاجهاض طبقا لتعريف المحاولة الوارد في الفصل 114 من القانون الجنائي .

وكذلك في حالة قيامه بكل الأفعال التي كان يعتقد أنها ستوصله إلى النتيجة المرجوة ، ولكن لأسباب خارجة عن ارادته خاب أمله فلم يتحقق الاجهاض، بالرغم من أنه كان ممكن الحدوث.

وطبقا للفصل 114 التي تقول ” أو لم يحصل الأثر المتوخى منها إلا لظروف خارجة عن ارادة مرتكبها” ، فإن الفاعل لا يعاقب إذا أعطى المادة أو العقار للحامل ثم تدخل بإرادته وحال دون حدوث الاجهاض كأن أعطاها مادة مضادة أو حملها على تقيئ المادة المجهضة.

والصورة الثالثة للمحاولة هي الجريمة المستحيلة ، وقد نص الفصل 449 صراحة على العقاب عليها عندما قالت ” اجهاض امرأة حبلى أو يظن أنها كذلك”، فحتى إذا كانت المرأة في الواقع غير حامل تتحقق الجريمة مادام الجاني استعمل وسيلة الاجهاض وهو يعتقد خطأ أنها حامل .

وتتحقق الجريمة كذلك إذا كانت استحالة حدوث النتيجة راجعة إلى الوسيلة المستعملة للاجهاض ، وقد نص على هذا صراحة الفصل 455 بالنسبة للمساعدين على الاجهاض، فقد ورد فيها ” ولو كانت هذه الأدوية أو المواد أو الأجهزة أو الأشياء المقترحة كوسائل فعالة للاجهاض غير قادرة عمليا على تحقيقه”، وإذا طبق هذا على الباعة والموزعين فبالأحرى من يستعملها فعلا في عملية الاجهاض.

ثانيا – انتفاء الخطر عن صحة الأم أو حياتها :

سنرى أن الفصل 453 يسمح بالاجهاض إذا استوجبته ضرورة انقاذ حياة الحامل أو المحافظة على صحتها، وبناء على ذلك يكون من عناصر جريمة الاجهاض عدم وجود خطر على حياة الأم أو صحتها يبرر الاجهاض، ولكي يتحقق السبب المبرر للاجهاض يجب أن يراعي الطبيب الذي يقوم به القيود والاجراءات المنصوص عليها في الفصل 453 والا كانت الجريمة قائمة .

ومن ناحية ثانية فإن الفصل 453 سمح للطبيب وحده بتنفيذ الاجهاض في حالة وجود الخطر السالف الذكر، فإذا قام بالاجهاض غير الطبيب اعتبر مرتكبا للجريمة ولو ثبت وجود الخطر على حياة الحامل أو صحتها، لأن الاجهاض في هذه الحالة يعتبر علاجا طبيا وهو علاج خطير، والقانون لا يسمح لغير الطبيب بالقيام بمثل هذه العلاجات.

يتبين من ذلك أن انتفاء الخطر عن حياة الحامل أو صحتها يكون أحد عناصر جريمة الاجهاض إذا قام به الطبيب أو الجراح، أما إذا قام به غيرهما فإن هذا العنصر غير مطلوب، بمعنى أن الاجهاض يعتبر إذ ذاك جريمة كان هنالك خطر على حياة الأم أو صحتها أو انتفى هذا الخطر.

ثالثا – القصد الجنائي في جريمة الاجهاض :

العنصر الثالث في جريمة الاجهاض القصد الجنائي، وهو يتحقق :

أ – اعتقاد الجاني ان المرأة حامل سواء كانت في الواقع كذلك أم لا، وليس ضروريا أن يكون اعتقاده بوجود الحمل قطعيا وانما يكفي مجرد الظن، كما أكد ذلك النص صراحة ، وقد اقتبس القانون المغربي هذا الحكم من التعديل الذي ادخل على القانون الفرنسي سنة 1939.

والاجهاض وإن كان مستحيلا في حالة انعدام الحمل، إلا أن تجريم الاجهاض لم يقصد به حماية الجنين وحده، بل كذلك حماية سلامة الحامل ، والمواد المستعملة للاجهاض – سيما البعض منها – تعرض سلامة المرأة للخطر كانت حاملا أو غير حامل .

ب – أن يقصد الجاني من فعله المادي الذي يباشره على الحامل اجهاضها، أي الفتك بالحمل والقضاء عليه ، فلا تتحقق جريمة الاجهاض إذا تسبب فيه الفاعل عن غير قصد كإعطاء دواء أو مادة خطأ أو غلط أو إصابة الحامل بعنف غير مقصود، أو قصد العنف دون الاجهاض ولو كان يعلم أن الضحية حامل (وان كان الفاعل هنا يتابع باحدى جرائم العنف حسب النتيجة التي تترتب عن فعله).

كما لا يتحقق القصد الجنائي إذا عمد الفاعل إلى اخراج الجنين حيا قبل أوان الولادة الطبيعية لضرورة طبية اقتضت ذلك ، فالاجهاض لا يتحقق إلا إذا قصد الفاعل القضاء على الجنين والفتك به .

ثالثا // ظروف التشديد في جريمة الإجهاض :

تعرض القانون الجنائي لحالات معينة تشدد بها العقوبة في جريمة الإجهاض وهي : موت المرأة التي اجري عليها الاجهاض، والاعتياد على ممارسة الاجهاض، و المساعدة والتحريض على الاجهاض.

أولا – موت المرأة التي اجري عليها الإجهاض :

ينص الفصل 449 في فقرته الثانية على أنه “… إذا نتج عن ذلك موتها فعقوبته السجن من عشر إلى عشرين سنة” . وترفع هذه العقوبة حسب الفصل 450 إلى السجن من عشرين إلى ثلاثين سنة إذا كان الجاني معتادا على ممارسة الإجهاض.

وتطبق العقوبة المشددة سواء تم الإجهاض بموافقة المرأة أو بدون موافقتها ، نعم يتعين أن تتحقق العلاقة السببية بين الوسيلة المستعملة للاجهاض أو الإجهاض نفسه وبين وفاة المرأة طبقا للقواعد العامة للعلاقة السببية، وعلى كل فإن هذه العلاقة لا تنقطع بالتدخل الطبي لمحاولة وقف حدوث الاجهاض أو لانقاذ الحامل بعد حدوثه ، لأن ذلك التدخل جلبه فعل الجاني نفسه فلا يؤثر على العلاقة السببية المباشرة بين هذا الفعل وبين موت الحامل.

وموت الحامل كظرف مشدد يطبق كذلك على المحرضين والمساعدين على الإجهاض طبقا للفصل 451 و 455 من القانون الجنائي.

وهكذا فقد نص الفصل 451 من القانون الجنائي على أن ” الأطباء والجراحون وملاحظو الصحة وأطباء الأسنان والقابلات والمولدات والصيادلة وكذلك طلبة الطب أو طب الأسنان أو الصيدلة وعمال الصيدليات والعشابون والمضمدون وبائعو الأدوات الجراحية والممرضون والمدلكون والمعالجون بالتسبب والقابلات العرفية الذين يرشدون إلى وسائل تحدث الإجهاض أو ينصحون باستعمالها أو يباشرونها، يعاقبون بالعقوبات المقررة في أحد الفصلين 449 و 450 على حسب الأحوال”.

وأضاف الفصل 455 أنه ” يعاقب بالحبس من شهرين إلى سنتين وغرامة من مائتين إلى ألفي درهم، أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط كل من حرض على الإجهاض ولو لم يؤد هذا التحريض إلى نتيجة ما.

وتجري نفس العقوبات على كل من باع أدوية أو مواد أو أجهزة أو أشياء، كيفما كان نوعها أو عرضها للبيع أو عمل على بيعها أو وزعها أو عمل على توزيعها بأية طريقة كانت مع علمه أنها معدة للإجهاض حتى ولو كانت هذه الأدوية أو المواد أو الأجهزة أو الأشياء المقترحة كوسائل فعالة للإجهاض غير قادرة عمليا على تحقيقه.

غير أنه إذا ما تحقق الإجهاض على إثر العمليات والأعمال المشار إليها في المقطع السابق فإن العقوبات المنصوص عليها في الفصل 449 من القانون الجنائي تطبق على القائمين بالعمليات أو الأعمال المذكورة”.

ثانيا – الاعتياد على ممارسة الإجهاض :

يقضي الفصل 450 بأنه ” إذا ثبت أن مرتكب الجريمة يمارس الأفعال المشار إليها في الفصل السابق بصفة معتادة، ترفع عقوبة الحبس إلى الضعف في الحالة المشار إليها في الفقرة الأولى، وتكون عقوبة السجن من عشرين إلى ثلاثين سنة في الحالة المشار إليها في الفقرة الثانية.

وفي الحالة التي تطبق فيها عقوبة جنحية فقط، حسب هذا الفصل أو الفصل 449، فإنه يجوز علاوة على ذلك أن يحكم على الفاعل بالحرمان من واحد أو أكثر من الحقوق المشار إليها في الفصل 40 وبالمنع من الإقامة، من خمس سنوات إلى عشر”.

والاعتياد يستخلصه القاضي بالنسبة لكل منهم حسب ظروف وملابسات ممارسته لعمليات اجهاض مرات متعددة ، فالقانون لم يحدد عدد المرات التي يتحقق بها الاعتياد ويبقى الأمر متروكا إلى القاضي الذي عليه أن يتأكد من أن الجاني قد اعتاد وألف القيام بالاجهاض وانساقت نفسه إليه ، كما هو الشأن بالنسبة لجرائم الاعتياد عموما.

ثالثا – المساعدة والتحريض على الإجهاض :

اشرنا إلى أن القانون المغربي وإن تساهل في تجريم الإجهاض ذاته، فقد تشدد في العقاب على اعمال التحريض والمساعدة .وهكذا نص الفصل 451 على أن ” الأطباء والجراحون وملاحظو الصحة وأطباء الأسنان والقابلات والمولدات والصيادلة وكذلك طلبة الطب أو طب الأسنان أو الصيدلة وعمال الصيدليات والعشابون والمضمدون وبائعو الأدوات الجراحية والممرضون والمدلكون والمعالجون بالتسبب والقابلات العرفية الذين يرشدون إلى وسائل تحدث الإجهاض أو ينصحون باستعمالها أو يباشرونها، يعاقبون بالعقوبات المقررة في أحد الفصلين 449 و 450 على حسب الأحوال…”.

وسبق أن أوردنا نص الفصل 455 التي تعاقب عموم المحرضين والبائعين والعارضين للبيع والموزعين الادوية أو مواد أو أجهزة أو أشياء كيفما كان نوعها يعلمون أنها معدة للاجهاض، ويتعرضون هم كذلك لظرفي التشديد السابقين.

وبذلك يكون المشرع قد خرج في جريمة الإجهاض عن الاحكام المتعلقة بالمشاركة فأعمال المساعدة المعاقبة هنا أعم كثيرا من صور المشاركة المحددة في الفصل 129 من القانون الجنائي، كما أن المساعد في جريمة الإجهاض يعاقب ولو لم تنفذ الجريمة، في حين لا يعاقب المشارك إلا إذا نفذ الفاعل الأصلي الجريمة فعلا.


  • تم اقتباس هذا المقال من كتاب أحمد الخمليشي، القانون الجنائي الخاص، الجزء الثاني.

Share this content:

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *