تأليف محاكم الاستئناف وتنظيمها
أولا // التأليف البشري بمحكمة الاستئناف :
لا شك أن تنظيم وتشكيل المحاكم، بغض النظر عن نوعها أو القضايا التي تتعامل معها، له تأثير كبير على سير الدعوى المعروضة أمامها، وبالتالي على نتيجة الحكم الذي يصدر فيها. ويعود ذلك إلى العلاقة الوثيقة بين المبادئ الأساسية للتقاضي والآليات المستخدمة في تطبيقها، فضلاً عن الضمانات المقررة لصالح الأطراف المتقاضية في هذا الإطار. ويزداد هذا التأثير بشكل أكبر كلما ارتفعت درجة التقاضي من محكمة ابتدائية إلى محكمة استئناف.
وتنص المادة 66 من قانون التنظيم القضائي على أنه ” تتألف محكمة الاستئناف من – رئيس أول- وكيل عام للملك – نائب أو أكثر للرئيس الأول ومستشارين- نائب أول أو أكثر للوكيل العام للملك وباقي نوابه- رئيس كتابة الضبط ورئيس كتابة النيابة العامة ورؤساء مصالح وموظفي كتابة الضبط وموظفي كتابة النيابة العامة”. وقد حرص المشرع في هذه المادة على تحديد مكونات محكمة الاستئناف وتوضيح تشكيلتها على النحو التالي:
أولاً – الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف: هو الشخص الذي يتولى رئاسة المحكمة ويشغل أعلى منصب فيها، حيث يكون مسؤولاً عن تسيير شؤونها. كما يتولى رئاسة مكتبها والجمعية العامة الخاصة بها. ويعد تولي الرئيس الأول رئاسة محكمة الاستئناف من مهام المسؤولية القضائية ، وذلك وفقاً للبند الثالث من المادة 5 من القانون التنظيمي رقم 106.13 المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة، الذي يشترط أن يكون المرشح لهذا المنصب من بين القضاة المرتبين في الدرجة الأولى على الأقل، وذلك وفقاً للمادة 20.
ثانياً – الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف: هو الذي يتولى رئاسة جهاز النيابة العامة في هذه المحكمة، ويعمل تحت إمرته نائب أو مجموعة من النواب، وفقاً للمبادئ التي تنظم عمل النيابة العامة. وبمثل ما هو الحال في رئاسة محكمة الاستئناف، فإن رئاسة النيابة العامة على مستوى هذه المحكمة تقع على عاتق الوكيل العام للملك، الذي تعتبر مهمته هذه من مهام المسؤولية القضائية، وذلك طبقاً للبند الرابع من المادة 5 من القانون التنظيمي رقم 106.13 المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة، الذي يشترط أن يكون المرشح لهذا المنصب من بين القضاة المرتبين في الدرجة الأولى على الأقل، وفقاً للمادة 20 من نفس القانون.
ثالثاً – نائب الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف: يتم تعيينه من قبل المجلس الأعلى للسلطة القضائية بناءً على اقتراح من الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف، وذلك وفقاً للمادة 21 من القانون 106.13. ويمكن تعيين أكثر من نائب واحد للرئيس الأول حسبما تقتضيه حاجة العمل والمهام القضائية والولائية التي يباشرها.
رابعًا – المستشارون: وهم القضاة العاملون في محاكم الاستئناف والمُعينون فيها من بين القضاة المرتبين في الدرجة الثانية على الأقل، وفقًا لأحكام المادة 17 من القانون رقم 106.13.
خامسًا – النائب الأول للوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف: يُعين من قبل المجلس الأعلى للسلطة القضائية بناءً على اقتراح من الوكيل العام للملك، وفقًا لأحكام المادة 21 من القانون رقم 106.13، من بين قضاة النيابة العامة العاملين في هذه المحكمة. كما يجوز تعيين أكثر من نائب، مثل النائب الثاني أو النائب الثالث، وفقًا لاحتياجات العمل ومتطلباته.
سادسًا – بقية نواب الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف: وهم قضاة النيابة العامة الذين يُعينون نوابًا للوكيل العام للملك، من بين القضاة المرتبين في الدرجة الثانية على الأقل، وفقًا لأحكام المادة 17 من القانون رقم 106.13.
سابعًا – رئيس كتابة الضبط: هو الشخص الذي يتولى رئاسة هذه الهيئة، والتي تعمل بجناح الرئاسة، وفقًا لأحكام المادة 22 من هذا القانون.
ثامنًا – رئيس كتابة النيابة العامة: هو الشخص الذي يتولى رئاسة هذه الهيئة التي تشتغل بجناح النيابة العامة وفقًا لأحكام المادتين 22 و 23 من هذا القانون، بالإضافة إلى بعض المواد الأخرى ذات الصلة.
تاسعًا – رؤساء مصالح وموظفو كتابة الضبط: هم الأشخاص الذين يتولون رئاسة المصالح المختلفة التي تتكون منها كتابة الضبط، ويعمل تحت إشرافهم موظفون ينتمون إلى هذه الهيئة.
عاشرًا – رؤساء مصالح وموظفو كتابة النيابة العامة: هم الأشخاص الذين يتولون رئاسة المصالح المختلفة التي تتكون منها كتابة النيابة العامة، ويعمل تحت إشرافهم موظفون ينتمون إلى هذه الهيئة.
ثانيا // تنظيم محاكم الاستئناف العادية :
تنص المادة 67 من قانون التنظيم القضائي على ما يلي :
“مع مراعاة مقتضيات المادة 68 بعده، يمكن أن تشتمل كل محكمة استئناف على غرف وتضم كل غرفة هيئة أو عدة هيئات، حسب أنواع وحجم القضايا التي تختص بالنظر فيها.
يمكن لكل غرفة أن تبحث وتحكم في كل القضايا المعروضة على المحكمة كيفما كان نوعها، باستثناء اختصاصات قسم الجرائم المالية وقسم جرائم الإرهاب المشار إليها بعده، والأقسام المتخصصة في القضاء التجاري والأقسام المتخصصة في القضاء الإداري.
تحدد محاكم الاستئناف المشتملة على قسم الجرائم المالية، ودوائر اختصاصها المحلي بمرسوم بعد استطلاع رأى المجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة.
تشتمل محكمة الاستئناف بالرباط وحدها على قسم مختص بالبت في جرائم الإرهاب. تشتمل قسم الجرائم المالية وقسم جرائم الإرهاب على غرف التحقيق وغرف الجنايات الابتدائية وغرف الجنايات الاستئنافية ونيابة عامة وكتابة للضبط وكتابة للنيابة العامة “.
تتناول هذه المادة تنظيم محاكم الاستئناف العادية، والتي قد تشمل عدة غرف، حيث يمكن أن تتكون كل غرفة من هيئة واحدة أو أكثر.
واستنادًا إلى مبدأ الوحدة من جهة، ومبدأ القضاء المتخصص من جهة أخرى، كان المشرع مضطراً في هذه المادة إلى السعي لتحقيق التوازن بين المبدئين بما يضمن عدم تعارضهما عند تطبيق أحدهما. ولذلك، بدأ بتأكيد أن المبدأ الأساسي هو الوحدة، وبالتالي يمكن لكل غرفة أن تنظر في جميع القضايا المعروضة على المحكمة بغض النظر عن نوعها، باعتبارها جزءاً من محكمة استئناف واحدة. إلا أنه استثنى بعض أنواع القضايا، التي تم تخصيص نظرها لأقسام معينة لا يجوز لأي قسم آخر النظر فيها أو الفصل فيها، وهذه الاختصاصات تخص الأقسام التالية:
1 – الأقسام المتخصصة في القضاء التجاري والأقسام المتخصصة في القضاء الإداري :
تنص المادة 68 من قانون التنظيم القضائي على ما يلي:” يمكن أن يحدث بمحكمة الاستئناف قسم متخصص في القضاء التجاري، قسم متخصص في القضاء الإداري؛تحدث الأقسام المتخصصة فى القضاء التجارى والأقسام المتخصصة فى القضاء الإداري بمحاكم الاستئناف المعنية، وتحدد مقارها ودوائر اختصاصها المحلي بمرسوم بعد استطلاع رأي المجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة والهيئات المهنية المعنية.
يمكن تقسيم كل قسم متخصص من الاقسام المذكورة إلى غرف بحسب طبيعة القضايا المعروضة عليه، ويمكن لكل غرفة أن تبت في كل القضايا المعروضة على القسم المتخصص. غير أنه يمنع أن يبت قسم متخصص في القضايا المسندة إلى قسم متخصص آخر، أو ثبت غرفة من غرف محكمة الاستئناف في القضايا التي تختص بها الأقسام المتخصصة.
ويجب أن يراعى، في كل الأحوال، مبدأ الفصل عند النظر في القضايا المدنية والقضايا الزجرية. مع مراعاة مقتضيات الفقرة الأخيرة من المادة 74 والفقرة الأخيرة من المادة 75 أدناه إذا تبين لهيئة حكم أن القضية يرجع النظر فيها إلى هيئة أخرى بالمحكمة، فإنها ترفع يدها عنها بأمر ولائي، وتحيلها إلى الرئيس الأول للمحكمة، الذي يتولى هو أو نائبه إحالة ملف القضية فورا إلى الهيئة المختصة”.
أقر المشرع في هذه المادة بإمكانية إنشاء أقسام متخصصة في القضاء التجاري وأقسام متخصصة في القضاء الإداري بمحاكم الاستئناف المغربية، وذلك على غرار إنشاء مثيلاتها في المحاكم الابتدائية. وقد نص صراحة على أن إنشاء هذه الأقسام المتخصصة، بالإضافة إلى تحديد مقارها ودائرة اختصاصها المحلي، يجب أن يتم بموجب مرسوم، بعد استشارة المجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة والهيئات المهنية المعنية، وذلك في إطار عملية تشاورية تشاركية.
وهذا يعني، بناءً على ذلك، أنه مع وجود المحاكم الاستئنافية المتخصصة في هذه القضايا، يجب إعادة النظر في دوائر اختصاص هذه المحاكم المحلي، بما يضمن تجنب حدوث أي تنازع في الاختصاص بينها وبين الأقسام المتخصصة التي سيتم إنشاؤها مستقبلاً في محاكم الاستئناف.
بعد إحداث هذه الأقسام المتخصصة في القضاء التجاري أو الإداري، وتحديد مقارها ودوائر اختصاصها المحلي بمحاكم الاستئناف المعنية، يمكن تقسيم كل قسم منها إلى غرف وفقًا لطبيعة القضايا المعروضة عليه، وذلك تكريسًا لمبدأ القضاء المتخصص. كما يأتي هذا في إطار تعزيز جودة الخدمات القضائية ودعم النجاعة القضائية، بما يتماشى مع مبدأ وحدة القضاء، الذي يقتضي السماح لكل غرفة بالفصل في جميع القضايا المعروضة على القسم المتخصص. إذ أن التخصص يُحدد للقسم ككل، وليس للغرفة باعتبارها جزءًا من القسم.
وفي المقابل، يُمنع أن يبت القسم المتخصص في القضاء التجاري في القضايا المسندة إلى القسم المتخصص في القضاء الإداري، كما يُمنع أن يبت القسم المتخصص في القضاء الإداري في القضايا المسندة إلى القسم المتخصص في القضاء التجاري. كما يُحظر على أي قسم آخر من أقسام محكمة الاستئناف، أو غرفة من غرفها، أن تبت في القضايا التي تندرج ضمن اختصاص الأقسام المتخصصة.
غير أنه وفقًا لما تضمنته الفقرة الرابعة من المادة المذكورة، يمكن للقسم المتخصص في القضاء التجاري أو القسم المتخصص في القضاء الإداري أن يبت في القضايا التي يمكن أن تنظر فيها الأقسام غير المتخصصة بمحكمة الاستئناف. وبالتالي، في هذه الحالة، لا يترتب بطلان المسطرة أو الحكم الصادر، بخلاف الحالات الأخرى التي يتعين فيها بطلان الإجراءات والحكم بسبب تعلق الاختصاص المسند لتلك الأقسام بالنظام العام.
ويجب في جميع الحالات التي تُعرض فيها قضية أمام محكمة الاستئناف، مراعاة مبدأ الفصل بين القضايا المدنية والقضايا الزجرية، وما يميز كل منهما عن الآخر من قواعد، سواء على مستوى المسطرة والإجراءات أو الغرف المختصة بنظرها، أو الهيئة المختصة بالفصل فيها.
فإذا تبين لهيئة الحكم أن القضية من اختصاص هيئة أخرى بالمحكمة، فإنه يتم رفع يدها عن القضية فورًا بأمر ولائي، وتحال إلى الرئيس الأول للمحكمة، الذي يتولى، إما هو أو نائبه، إحالة ملف القضية فورًا إلى الهيئة المختصة لتبت فيها وفقًا للقانون.
2 – أقسام الجرائم المالية:
وهي أقسام أُحدثت للنظر في بعض الجرائم المالية المحددة، مثل جنايات الرشوة، والغدر، والاختلاس، وتبديد الأموال العامة، واستغلال النفوذ التي يقترفها الموظفون العموميون، بالإضافة إلى الجرائم التي لا يمكن فصلها عنها أو المرتبطة بها، والمنصوص عليها وعلى عقوباتها في الفصول من 241 إلى 256 من مجموعة القانون الجنائي. ويأتي ذلك بعد إلغاء المحكمة الخاصة للعدل بموجب القانون رقم 79.03 المتعلق بتغيير وتتميم مجموعة القانون الجنائي، وبحذف المحكمة الخاصة للعدل بمقتضى مادته الرابعة.
في مرحلة أولى، تم إحداث أقسام للجرائم المالية في تسع محاكم استئناف بكل من الدار البيضاء، الرباط، فاس، مكناس، مراكش، أكادير، طنجة، وجدة، والعيون، بموجب المرسوم رقم 2.04.471 الصادر بتاريخ 15 سبتمبر 2004. ولكن تم التراجع عن هذا العدد ليقتصر على أربع محاكم استئناف فقط يتم فيها إحداث أقسام للجرائم المالية، وهي الرباط، الدار البيضاء، فاس، ومراكش، وذلك بموجب المرسوم رقم 2.11.445 الصادر بتاريخ 4 نوفمبر 2011، والذي يحدد عدد محاكم الاستئناف التي سيتم فيها إحداث هذه الأقسام وتعيين دوائر نفوذها.
ولإسناد الاختصاص في نظر الجرائم المشار إليها أعلاه إلى هذه الأقسام، تمت إضافة المادة 1-260 إلى قانون المسطرة الجنائية، التي تنص على أنه: “استثناءً من قواعد الاختصاص المنصوص عليها في هذا الفرع تختص أقسام الجرائم المالية بمحاكم الاستئناف المحددة والمعين دوائر نفوذها بمرسوم، بالنظر في الجنايات المنصوص عليها في الفصول 241 إلى 256 من القانون الجنائي وكذا الجرائم التي لا يمكن فصلها عنها أو المرتبطة بها”.
نصت هذه المادة في فقرتها الثالثة على أنه يتم تحديد محاكم الاستئناف التي تشمل قسم الجرائم المالية، بالإضافة إلى دوائر اختصاصها المحلي، بمرسوم بعد استطلاع رأي المجلس الأعلى للسلطة القضائية. وقد استُخدمت صيغة المضارع في النص، مما يدل على الوجوب ويعني أن هذا الإجراء يتعلق بالحالة الحالية والمستقبلية. وهذا يعني أن التقسيم الحالي سيستمر ساريًا بموجب المرسوم رقم 2.11.445 الصادر بتاريخ 4 نوفمبر 2011، الذي يبقى نافذًا لحين إعادة النظر في هذا التقسيم وفي دوائر الاختصاص المحلي لهذه الأقسام، من خلال مرسوم جديد يصدر بعد استطلاع رأي كل من المجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة.
تتضمن هذه الأقسام بشكل إلزامي غرفًا للتحقيق، وغرفًا للجنايات الابتدائية، وغرفًا للجنايات الاستئنافية، بالإضافة إلى نيابة عامة وكتابة للضبط.
3 – قسم جرائم الإرهاب:
يتواجد هذا القسم فقط في محكمة الاستئناف بالرباط دون سائر محاكم الاستئناف الأخرى في المغرب، حيث يتمتع بالاختصاص في النظر في القضايا المتعلقة بجرائم الإرهاب، وذلك وفقاً للسلطة المخولة لهذه المحكمة بموجب المادة السابعة من القانون رقم 03.03 المتعلق بمكافحة الإرهاب والتي تنص على أنه ” بصرف النظر عن قواعد الإختصاص المقررة في قانون المسطرة الجنائية أو في نصوص أخرى، تختص محكمة الاستئناف بالرباط بالمتابعة والتحقيق والحكم في الجرائم الإرهابية”.
وقد سمحت الفقرة الثانية من نفس المادة لهذه المحكمة، لأسباب تتعلق بالأمن العمومي، بعقد جلساتها بشكل استثنائي في مقر أي محكمة استئناف أخرى بالمغرب. ومع ذلك، لا يعني هذا السماح أن الاختصاص يتم نقله إلى المحكمة التي تُعقد بها الجلسات، بل يستمر الاختصاص محصوراً في محكمة الاستئناف بالرباط، حيث يبقى منعقدا لقسم جرائم الإرهاب بها بشكل حصري دون غيره من الأقسام.
الجرائم الإرهابية التي يختص قسم جرائم الإرهاب بمحكمة الاستئناف بالرباط بالنظر فيها هي الأفعال التي تتعلق عمدًا بمشروع فردي أو جماعي يهدف إلى الإضرار الجسيم بالنظام العام من خلال استخدام التخويف أو الترهيب أو العنف. وقد حدد المشرع هذه الجرائم في الباب الأول مكرر من مجموعة القانون الجنائي.
ويتضمن هذا القسم بالضرورة غرفة للتحقيق، وغرفة للجنايات الابتدائية، وغرفة للجنايات الاستئنافية، بالإضافة إلى نيابة عامة، وكتابة للضبط، وكتابة للنيابة العامة.
وقد نصت المادة 69 من قانون التنظيم القضائي المغربي على أنه ” يرأس كل قسم من أقسام الجرائم المالية والقسم المختص بالبت في جرائم الإرهاب وكل غرفة أو هيئة بمحكمة الاستئناف مستشار. يعين المستشارون المشار إليهم في الفقرة السابقة ونوابهم طبقا للكيفيات المنصوص عليها في الفرع الأول من الفصل الثاني من الباب الثاني من القسم الأول من هذا القانون. يعين رؤساء الأقسام المتخصصة في القضاء الإداري ورؤساء الأقسام المتخصصة في القضاء التجاري بقرار للمجلس الأعلى للسلطة القضائية.
تعمل الأقسام المتخصصة في القضاء الإداري والأقسام المتخصصة في القضاء التجاري وأقسام الجرائم المالية والقسم المختص في جرائم الإرهاب وباقي الغرف تحت إشراف الرئيس الأول للمحكمة والوكيل العام للملك لديها، كل في مجال اختصاصه، عدا القسم المتخصص في القضاء الإداري الخاضع لإشراف الرئيس الأول للمحكمة وحده “.
وأشارت المادة 70 من قانون التنظيم القضائي إلى أنه ” يعين من بين قضاة محكمة الاستئناف، طبقا للكيفيات المنصوص عليها في الفرع الأول من الفصل الثاني من الباب الثاني من القسم الأول من هذا القانون، أي مستشار ينتدب لمهمة بالمحكمة، وعند الاقتضاء مفوض ملكي أو أكثر للدفاع عن القانون والحق بالقسم المتخصص في القضاء الإداري. يعين المستشارون المكلفون بالأحداث والقضاة المكلفون بالتحقيق لمدة ثلاث سنوات بقرار للمجلس الأعلى للسلطة القضائية باقتراح من الرئيس الأول للمحكمة”.
نظراً لتعدد المهام والوظائف التي تقوم بها محاكم الاستئناف، سواء القضائية أو الإدارية، فقد منح هذا القانون، في إطار التنظيم الجيد لعمل المحكمة، لأجهزتها التنظيمية المتمثلة في مكتب المحكمة، صلاحية تعيين مستشارين للاضطلاع بهذه المهام القضائية والإدارية التي يتم انتدابهم للقيام بها، بما في ذلك تعيين مفوض ملكي أو أكثر للدفاع عن القانون والحق في القسم المتخصص في القضاء الإداري.
يقتصر هذا التعيين من قبل مكتب المحكمة بمناسبة إعداده لبرنامج العمل قبل عرضه على الجمعية العامة التي تقرر تعيين المستشارين المنتدبين لمهام محددة. وذلك على اعتبار أن صلاحية التعيين في باقي الحالات المذكورة في الفقرة الثانية من المادة موضوع الشرح تعود للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، بناءً على مقترح من الرئيس الأول للمحكمة، لا سيما في ما يتعلق بـ:
– المستشار المكلف بالأحداث :
يتم تعيين المستشار المكلف بالأحداث لمدة ثلاث سنوات قابلة للتجديد، بقرار من المجلس الأعلى للسلطة القضائية، بناءً على مقترح من الرئيس الأول للمحكمة، من بين المستشارين العاملين بمحكمة الاستئناف. ويُكلف بأداء المهام المنوطة به في مجال قضاء الأحداث وفقاً لمقتضيات قانون المسطرة الجنائية، لا سيما الفصول من 485 إلى 487.
في حالة تغيب المستشار المعين أو وجود مانع يحول دون قيامه بمهمته، يقوم الرئيس الأول بتكليف من يحل محله، وذلك بعد استشارة الوكيل العام للملك.
– القاضي المكلف بالتحقيق:
يُعين في هذه المهمة أيضاً لمدة ثلاث سنوات قابلة للتجديد، بقرار من المجلس الأعلى للسلطة القضائية، بناءً على مقترح من الرئيس الأول للمحكمة، من بين المستشارين العاملين بمحكمة الاستئناف.
وسواء تعلق الأمر بالمستشار المكلف بالأحداث أو القاضي المكلف بالتحقيق، فإن أحكام هذه المادة قد حددت بشكل واضح نهاية تدخل السلطة التنفيذية، ممثلة في وزير العدل، في تعيين هؤلاء، وذلك لضمان استقلاليتهم.
ثالثا // النصاب القانوني اللازم لانعقاد الجلسات بمحاكم الاستئناف :
تنص المادة 71 من قانون التنظيم القضائي على ما يلي “تعقد محاكم الاستئناف جلساتها في جميع القضايا وتصدر قراراتها من قبل ثلاثة مستشارين من بينهم رئيس ما لم ينص القانون على خلاف ذلك، وبمساعدة كاتب للضبط”.
تم توضيح في هذه المادة النصاب القانوني اللازم لعقد الجلسات بمحاكم الاستئناف، بغض النظر عن نوع القسم المعروض عليه القضية، سواء كان قسمًا عاديًا أو قسمًا متخصصًا في القضاء الإداري أو في القضاء التجاري. حيث يتطلب حضور ثلاثة مستشارين من بينهم رئيس الهيئة الحاكمة الذي يتولى رئاسة الجلسة وتسييرها، بالإضافة إلى وجود كاتب للضبط، إلا إذا نص القانون على خلاف ذلك.
ووفقًا لما نص عليه القانون، فإن هناك استثناءً يتعلق بالقضايا الزجرية التي تنظرها غرفة الجنايات الاستئنافية، وذلك عند نظر الطعون الاستئنافية ضد القرارات الصادرة عن غرفة الجنايات الابتدائية بمحكمة الاستئناف. حيث يتم البت في هذه الطعون طبقًا للمادة 457 من قانون المسطرة الجنائية، من قبل هيئة أخرى غير الهيئة التي نظرتها أول مرة، مكونة في هذه الحالة من رئيس غرفة وأربعة مستشارين لم يسبق لهم المشاركة في النظر في القضية من قبل. ويتم ذلك بحضور ممثل النيابة العامة ومع مساعدة كاتب الضبط، تحت طائلة البطلان. كما يمكن إضافة مستشار أو أكثر إلى الهيئة وفقًا لما تنص عليه الفقرة الثانية من المادة 417 من قانون المسطرة الجنائية.
وكذلك الأمر بالنسبة للطعون الاستئنافية ضد قرارات غرفة الجنايات الابتدائية للأحداث الصادرة في حق الحدث أمام غرفة الجنايات الاستئنافية للأحداث وفقاً لمقتضيات المادة 457 من قانون المسطرة الجنائية – من طرف الحدث أو نائبه القانوني، أو النيابة العامة أو الطرف المدني أو المسؤول عن الحقوق المدنية – إذ تنظر غرفة الجنايات الاستئنافية للأحداث في هذه الطعون وتبت فيها، وهي تتكون من مستشار للأحداث رئيسًا، وأربعة مستشارين آخرين، مع حضور ممثل النيابة العامة وكاتب الضبط، وذلك وفقًا لأحكام المادة 494 من قانون المسطرة الجنائية.
Share this content: