المحكمة الابتدائية : تعيين القضاة في المهام القضائية بالمحكمة الابتدائية

تنص المادة 54 من ظهير التنظيم القضائي على أنه ” يعين من بين قضاة المحكمة الابتدائية، طبقا للكيفيات المنصوص عليها في الفرع الأول من الفصل الثاني من الباب الثاني من القسم الأول من هذا القانون رؤساء الغرف ورؤساء الهيئات ونوابهم، وقضاة التنفيذ، وكذا القضاة المنتدبون في قضايا صعوبات المقاولة بالأقسام المتخصصة في القضاء التجاري، والمفوضون الملكيون للدفاع عن القانون والحق بالأقسام المتخصصة في القضاء الإداري.

يعين بنفس الكيفية، عند الاقتضاء، أي قاض ينتدب المهمة أخرى بالمحكمة . يعين قضاة الأسرة المكلفون بالزواج، والقضاة المكلفون بالتوثيق، والقضاة المكلفون بشؤون القاصرين، والقضاة المكلفون بالتحقيق، وقضاة الأحداث، وقضاة تطبيق العقوبات لمدة ثلاث سنوات بقرار للمجلس الأعلى للسلطة القضائية باقتراح من رئيس المحكمة “.

توضح هذه المادة كيفية تعيين القضاة في المهام القضائية بالمحكمة الابتدائية. ومن خلال استعراض مقتضيات هذه المادة، يمكننا التمييز بين نوعين من المهام القضائية، وبالتالي بين طريقتين مختلفتين للتعيين في كل منهما.

أما النوع الأول من المهام القضائية فيتمثل في:

1 _ رئيس قسم قضاء الأسرة:

وهي مهمة تُسند إلى أحد قضاة المحكمة الابتدائية لتولي إدارة وتدبير شؤون هذا القسم والإشراف عليه.

ورئيس قسم قضاء الأسرة هو المسؤول القضائي والإداري عن تنظيم وإدارة العمل داخل القسم، والإشراف على النظر في القضايا المتعلقة بالأحوال الشخصية وفقاً لمقتضيات مدونة الأسرة، بما يضمن تحقيق العدالة وحماية حقوق الأسرة والأفراد.

2 _ رئيس القسم المتخصص في القضاء الإداري:

وهي مهمة رئاسية تتطلب الإشراف على هذا القسم وتنظيم العمل به وفقاً لمخرجات برنامج سير العمل بالمحكمة الذي تصادق عليه الجمعية العامة، مع تمتع رئيس القسم بصلاحية ممارسة الاختصاصات المخولة قانوناً لرئيس المحكمة الابتدائية الإدارية، فيما يتعلق باختصاصات هذا القسم وفقاً للفقرة الأخيرة من المادة 56 من هذا القانون.

3 _ رئيس القسم المتخصص في القضاء التجاري:

وهي أيضاً مهمة رئاسية تتطلب الإشراف على هذا القسم وتنظيم العمل به وفقاً لمخرجات برنامج سير العمل بالمحكمة الذي تصادق عليه الجمعية العامة، مع تمتع رئيس القسم بصلاحية ممارسة الاختصاصات المخولة قانوناً لرئيس المحكمة الابتدائية التجارية، فيما يتعلق باختصاصات هذا القسم طبقاً للفقرة الأخيرة من المادة 55 من هذا القانون.

4 _ قاضي الأسرة المكلف بالزواج:

تم إحداث هذه المهمة بمقتضى مدونة الأسرة التي خضعت بموجبها مؤسسة الزواج لرقابة القضاء. وقد منحت هذه المدونة للقاضي المعني صلاحية البت في طلبات الإذن بإبرام عقد الزواج، والإذن بتزويج القاصر أو المصاب بإعاقة ذهنية، والإذن بالزواج بالوكالة، والإذن بالتعدد، بالإضافة إلى الإذن بزواج المعتنقين للإسلام.

5 _ القاضي المكلف بالتوثيق:

تعد هذه المهمة من المهام الأساسية في النظام القانوني المغربي، حيث تمتد جذورها إلى الفقه والتطبيقات القضائية الإسلامية التي تعترف بدور القاضي في توثيق التصرفات القانونية والمخاطبة على الرسوم العدلية، فضلاً عن توثيق عقود الزواج أو إنهائها. وقد تم تكريس هذا الدور في المنظومة القانونية الحالية من خلال مجموعة من القوانين، أبرزها القانون رقم 16.03 المتعلق بخطة العدالة، الذي ينظم المخاطبة على الرسوم العدلية ومراقبة السجلات الإدارية المتعلقة بها….

كما يندرج القانون رقم 49.00 المتعلق بتنظيم مهنة النساخة ضمن هذه المنظومة، حيث يتناول مراقبة النساخ وتوزيع الشهادات بينهم والتأشير على السجلات الممسوكة لديهم. بالإضافة إلى ذلك، تكفل مدونة الأسرة تنظيم المخاطبة على وثائق الزواج والطلاق والإشهاد على الرجعة طبقاً للمادة 124، فضلاً عن المخاطبة على وثيقة الإقرار بالنسب أو الرسم المثبت للوصية.

6 _ القاضي المكلف بشؤون القاصرين :

تعد هذه المهمة من المهام المسندة إلى أحد قضاة المحكمة الابتدائية في إطار الرقابة التي فرضتها مدونة الأسرة على أموال القاصرين، وكيفية تدبيرها من قبل الأولياء أو الأوصياء أو المقدمين. وتشمل هذه الرقابة كلاً من الجوانب القبلية والبعدية لتدبير أموال القاصر وفقاً للكتاب الرابع المتعلق بالأهلية والنيابة الشرعية في المواد من 206 إلى 276 من مدونة الأسرة. كما تتقاطع مع مقتضيات قانون المسطرة المدنية التي تنظم تدخل القاضي في النيابة القانونية، بالإضافة إلى مراقبته لعمليات بيع منقولات القاصر وبيع عقار القاصر في الفصول من 181 إلى 211 من نفس القانون.

7 _ القاضي المكلف بالتحقيق:

منذ صدور قانون المسطرة الجنائية الجديد الذي دخل حيز التنفيذ في 1 أكتوبر 2003، تم إحداث وظيفة قاضي التحقيق بالمحاكم الابتدائية، بعد أن كانت هذه المهمة مقتصرة على قضاة التحقيق في محاكم الاستئناف. يُعرف قاضي التحقيق بأنه الجهة المكلفة قانوناً بتنفيذ إجراءات التحقيق الإعدادي، والتي تشمل التحقق من وقوع الجرائم، جمع الأدلة المتعلقة بها، البحث عن مرتكبيها، واتخاذ القرارات المناسبة بناءً على نتائج التحقيق.

8 _ قاضي الأحداث :

تم إحداث مهمة قاضي الأحداث بموجب المادة 467 من قانون المسطرة الجنائية، التي تنص على أنه ” يعين قاض أو أكثر من قضاة المحكمة الابتدائية للقيام بمهام قاضي الأحداث لمدة ثلاث سنوات قابلة للتجديد بموجب قرار لوزير العدل بناء على اقتراح من رئيس المحكمة الابتدائية. في حالة حدوث عائق يمنع قاضي الأحداث من القيام بمهامه، يكلف رئيس المحكمة الابتدائية من يقوم مقامه بصفة مؤقتة بعد استشارة وكيل الملك”. وقد تم تنظيم اختصاصات قاضي الأحداث ومهامه في المواد من 468 إلى 484-1 من نفس القانون.

9 _ قاضي تطبيق العقوبة :

تم تنظيم مهمة قاضي تطبيق العقوبات بمقتضى المادة 596 من قانون المسطرة الجنائية، حيث يُعين قاضٍ أو أكثر من قضاة المحكمة الابتدائية للقيام بهذه المهام. ويقوم المجلس الأعلى للسلطة القضائية بتعيين هؤلاء القضاة لمدة ثلاث سنوات قابلة للتجديد، ويجري إعفاؤهم من مهامهم بنفس الطريقة. وفي حالة حدوث مانع يحول دون قيام قاضي تطبيق العقوبات بمهامه، يتم تكليف رئيس المحكمة قاضياً ليحل محله بشكل مؤقت.

ويعهد إلى قاضي تطبيق العقوبات بزيارة المؤسسات السجنية الواقعة ضمن دائرة المحكمة الابتدائية التي ينتمي إليها، وذلك مرة كل شهر على الأقل. كما يتولى متابعة مدى تطبيق القوانين المتعلقة بتنظيم وتسيير المؤسسات السجنية، بما في ذلك التأكد من قانونية الاعتقال وحقوق السجناء، بالإضافة إلى مراقبة سلامة إجراءات التأديب المتبعة في تلك المؤسسات.

ويقوم قاضي تطبيق العقوبات بالاطلاع على سجلات الاعتقال، ويعد تقريرًا عن كل زيارة يقوم بها، يتضمن ملاحظاته، ثم يوجهه إلى وزير العدل مع إحالة نسخة منه إلى النيابة العامة. كما يمكنه مسك بطاقات خاصة بالسجناء الذين يتابع وضعهم، تحتوي على بيانات تتعلق بهويتهم ورقم اعتقالهم، بالإضافة إلى القرارات القضائية والتأديبية الصادرة في شأنهم وأي ملاحظات يراها القاضي ضرورية. كما يحق له تقديم مقترحات بشأن العفو أو الإفراج المقيد بشروط. ويواصل القاضي ممارسة مهامه وفقًا لهذا القانون وأي نصوص أخرى ذات صلة.

وتُعيّن المهام القضائية في هذا النوع المشار إليها أعلاه وفقًا لمقتضيات المادة 21 من القانون رقم 106.13 المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة، حيث يتم تعيين القضاة المعنيين من قبل المجلس الأعلى للسلطة القضائية بناءً على اقتراح من رئيس المحكمة.

وأما النوع الثاني من المهام القضائية، فيشمل رؤساء الغرف والهيئات ونوابهم، بالإضافة إلى قضاة التنفيذ، وكذلك القضاة المنتدبين في قضايا صعوبات المقاولة داخل الأقسام المتخصصة في القضاء التجاري، والمفوضين الملكيين الذين يتكفلون بالدفاع عن القانون والحق في الأقسام المتخصصة في القضاء الإداري. كما يتضمن هذا النوع من المهام أي مهام أخرى يراها رئيس المحكمة مفيدة، على أن تظل صلاحيتها محصورة ضمن حدود غرف المحكمة.

يتم تعيين القضاة في هذا النوع من المهام من قبل الجمعية العامة للمحكمة، وذلك وفقًا للإحالة الصريحة على مقتضيات الفصل الثاني من الباب الثاني من القسم الأول من هذا القانون.

Share this content:

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *