|

التزامات المؤاجر “أداء الأجر”

يتعلق الأمر بالالتزامات الناشئة عن عقد الشغل، فالمشغل يلتزم بتقديم الشغل المتفق عليه، وكذا الوسائل الضرورية اللازمة لإنجازه، وإذا تخلف عن ذلك، فإنه يلزم بمنح الأجر أو تعويض يوازي الضرر الذي تعرض له الأجير، لكن ذلك رهين بتوفر شرطين، أن يبقى الأجير رهن إشارة المشغل أولا وعدم تقديمه خدمات للغير ثانيا.

هذا ونشير إلى أن للأجراء الحق في تسلم بطاقة الشغل والحق في الاستفادة من برامج محو الأمية والتكوين المستمر.كما أن المشرع يفرض على المشغل علاوة على الالتزامات التعاقدية، التزامات قانونية كاتخاذ التدابير الوقائية والمحافظة على الأمن، وتشمل هذه التدابير بالأساس صيانة أماكن العمل، صيانة وتأمين وسائل العمل، اتخاذ التدابير الضرورية للمحافظة على صحة وسلامة الأجراء، وذلك علاوة على قواعد حسن السلوك والأخلاق واستتباب الآداب العامة، داخل المؤسسة.

كما يتعين على المشغل احترام تنظيم الشغل خصوصا، مدة الشغل، العطل ،الحقوق الأساسية للأجراء مثل الحق النقابي، ويقع عليه أيضا التزام أداء النفقات أو التحملات الاجتماعية أو الضريبية، وضمان الحق في الإعلان للأجير عن المقتضيات التالية:

اتفاقية الشغل الجماعية ومضمونها، النظام الداخلي ،مواقيت الشغل، أساليب تطبيق الراحة الأسبوعية، المقتضيات القانونية والتدابير المتعلقة بحفظ الصحة والسلامة، وبالوقاية من خطر الآلات، تواريخ أداء الأجر، ومواقيته، ومكان أدائه، رقم التسجيل بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، الهيئة المؤمنة ضد حوادث الشغل والأمراض المهنية.

لكن يبقى أهم التزام يقع على المؤاجر، هو توفير الحماية ضد الاحتياجات المعيشية وبعبارة أخرى أداء الأجر وهو ما ستركز عليه ضمن هذه الالتزامات.

فالأجر هو الدخل الذي يحدد للشغل، وهو عنصر أساسي في الإنتاج وفي عقد الشغل، فبدون الأجر يبقى الشغل عملا مجانيا أو عملا خيريا أو عمل استعباد واستغلال، وقد تعرضت مدونة الشغل للأجر في المواد 345 إلى 395 وتناول الأجر كعنصر أساسي من عناصر عقد الشغل،

أولا // طبيعة أو مفهوم الأجر، تحديده وطريقة حسابه :

1 – الطبيعة القانونية للأجر (مفهومه) :

أ – المفهوم القانوني للأجر :

الأجر هو أحد العناصر الأساسية في عقد الشغل، فهو أحد الالتزامات الأساسية الملقاة على عاتق المشغل، وباستقراء الفقرة الأولى من الفصل 723 من قانون الالتزامات والعقود ، نجد أن الأجر هو مقابل العمل، لكن هذا التعريف يبقى تحديدا ضيقا، إذا يستبعد فكرة الأجر الاجتماعي أو الغير المباشر الرامي إلى أمن وضمان استقرار أو عيش الأجير، وذلك بأداء الأجر في كل الحالات التي يتوقف فيها الأجير عن العمل سواء من طرف المشغل مباشرة أو من طرف بعض المؤسسات الأخرى المختصة.

وهذا ما أكده المشرع في مجالات متعددة، فالأجر يتضمن مكونات أخرى، والأمر يتعلق بالتعويضات ،الإكراميات، العلاوات، وسائر الامتيازات الأخرى المادية والعينية، وهذا ما كرسه الفصل 19 من ظهير 1972 المتعلق بالضمان الاجتماعي، وكذلك ظهير 18 يونيو 1936 الذي تم إلغاءه،

وهو ما كرسته مدونة الشغل في المادة 357 التي جاء فيها: يحتسب الحد الأدنى القانوني للأجر في النشاطات غير الفلاحية تبعا للقيمة المحددة في المقتضيات التنظيمية الجاري بها العمل، ويدخل في حسابه الحلوان ومكملات الأجر مادية كانت أو عينية.

ب – المفهوم الاقتصادي والاجتماعي للأجر:

في السابق كان ينظر إلى الشغل بمثابة سلعة ثمنها هو الأجر، وهكذا كان يحدد الأجر بكل حرية في نطاق إجارة الخدمة وتبعا لقاعدة العرض والطلب على الشغل، وأمام افتضاض سوق العمل باليد العاملة، انخفضت الأجور بشكل سريع مما أدى إلى تدهور الحالة المادية والاجتماعية للعامل الشيء الذي دفع بالدولة سنة 1936 بالتدخل لتحديد الأجر الأدنى وحمايته،

وذلك بهدف حماية فئات الأجراء الأكثر حرمانا، ومن تم أصبح للأجر وظيفة اجتماعية معيشية لضمان حد أدنى من وسائل العيش الكريم، عبر تمكين الأجير وأسرته من تغطية حاجياتهم اليومية من غذاء ومسكن ولباس وتمدرس… إلخ.

وهذا التصور الجديد هو الذي يبرر منح الأجير جملة من التعويضات والأداءات بصرف النظر عن تقديمه لأي عمل لفائدة المشغل، وذلك من قبل التعويضات العائلية والتعويضات والإيرادات عن حوادث الشغل والأمراض المهنية، التعويض عن العطلة السنوية المؤدى عنها الأجر، ورواتب الزمان وراتب الشيخوخة …

2 – تحديد الأجر وأهميته:

إذا كان الأجر هو ما يتقاضاه الأجير مقابل عمله وبمناسبته، بل وفي بعض الأحيان لقاء مجرد تواجده في مكان الشغل، ولو لم يؤديه لسبب خارج عن إرادته، فإن هذا الأجر يتحدد بكامل الحرية باتفاق الطرفين، وذلك إما بكيفية مباشرة أو بمقتضى اتفاقية شغل جماعية مع ضرورة مراعاة الأحكام القانونية المتعلقة بالحد الأدنى، أما إذا لم يحدد الطرفان الأجر وفق المقتضيات السابقة، فإن المحكمة هي التي تتولى تحديده وفق العرف الجاري به العمل.

وإذا كان هناك أجرا محددا سابقا، افترض في الطرفين أنهما ارتضياه، وهذا ويمنع المشرع كل تمييز في الأجر بين الجنسين، وذلك إذا تساوت قيمة الشغل الذي يؤديانه، بحيث أن المشغل الذي يخالف هذا المقتضى يعاقب بغرامة من 25000 إلى 30.000 درهم وفي حالة العود تضاعف الغرامة.

وإذا كان الأجر يحدد بناء على اتفاق الطرفين، فإن العامل يستفيد وجوبا من زيادة بسبب أقدميته وتسمى هذه الزيادة في الأجر بعلاوة الأقدمية تحتسب وفق الشكل التالي:

– %5 من الأجر المؤدى بعد قضاء 5 سنوات من العمل.

– %10 من الأجر المؤدى بعد قضاء 5 سنوات من العمل.

– %15 من الأجر المؤدى بعد 12 سنة من العمل.

– %20 من الأجر المؤدى بعد قضاء 20 سنة من العمل.

– %25 من الأجر المؤدى بعد قضاء 25 سنة من العمل.

ويراعى عن احتساب هذه العلاوة الأجرة بمعناها الأساسي وتوابعها بما فيه التعويضات عن الساعات الإضافية، باستثناء ما يلي:

– التعويضات العائلية.

– الحلوان، ما لم يكن هذا الأجر الوحيد للعامل.

– المكافات التي تمنح في بعض المناسبات ،مثلا في نهاية كل سنة.

– المساهمات في الأرباح.

– التعويضات التي تمنح للأجير عن قيامه بأعمال في ظروف صعبة أو القيام بأعمال خطيرة كالاشتغال في المقالع أو في أعالي البحار أو في المناجم أو في بعض المعامل التي تنتج الأسمنت أو المواد الكيماوية أو الغازية.

– التعويض الذي يدفع للعامل بسبب حلوله محل أجير آخر بصفة مؤقتة.

وفي الأخير نشير إلى أن لتحديد الأجر أهمية بالغة، فبالإضافة إلى دوره المعيشي للأجير وأسرته، تنعكس مستوياته على الجانب الاقتصادي الذي تعرفه البلد، على اعتبار أن الرفع أو التخفيض منه يكون له دائما أثر مباشر على القوة الشرائية للعمال، وبالتالي على النشاط الاقتصادي داخل الدولة بوجه عام.

كما أنه يمكن اعتماده في حساب العديد من المستحقات التي يحصل عليها الأجير في فترة حياته أو ذوي حقوقه عند وفاته، نذكر من هذه المستحقات التعويضات والإيرادات عن حوادث الشغل والأمراض المهنية، وعلاوة الأقدمية والتعويضات المستحقة عن الطرد أو الفصل، وعند تحديد راتب الزمانة وراتب الشيخوخة التي يصرفهما الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، كما أن القواعد الخاصة بالحماية القانونية للأجور ولتقادمها ولإثباتها مرتبطة بقيمة الأجر.

3 – طريقة احتساب الأجر:

يتوفر أطراف عقد الشغل على الحرية في تحديد الطريقة التي يتم على أساسها احتساب الأجر، وهي إما حسابه على أساس الزمن أو القطعة أو بالطريحة أي عبر الجمع بين الطريقتين:

أ – حساب الأجر بالزمن:

يقصد بها حساب الأجر باعتماد مدة زمنية معينة، كتحديد الأجر على أساس الساعة أو اليوم أو الشهر أو نصف الشهر. وإذا كان هذا الأسلوب يؤدي إلى استقرار الأجر بصرف النظر عن كمية الإنتاج، إلا أنه يفتقد إلى الحوافز التي تؤدي إلى الرفع من الإنتاج، فطريقة حساب الأجر بالزمن لا تساعد على تمييز الأجير المجد، ولا تحفز الأجير على زيادة إنتاجه، طالما أن أجره ثابت ومضمون، لذا يلجأ بعض المشغلين إلى اعتماد حساب الأجر بالقطعة.

ب – حساب الأجر بالقطعة:

يقصد به حساب الأجر على أساس وحدة إنتاجية معينة، أي بالنظر إلى عدد القطع المنتجة خلال مدة العمل، فيتناسب ما يحصل عليه الأجير من أجر مع عدد الوحدات التي ينتجها، هذه الطريقة تؤدي إلى تمييز الأجراء المجدين والمهرة عن غيرهم، إلا أنها بصفة عامة تؤدي إلى ارتفاع الإنتاج وإرهاق الأجراء مما يؤثر سلبا على جودة الإنتاج.

ج – حساب الأجر بالطريحة:

أي حساب الأجر باعتماد الزمن وعدد الوحدات المنتجة أثناء العمل، وما يزيد عن ذلك يأخذ عنه أجرا زائدا، وهذه الطريقة تساعد على ضمان قدر من الأجر الثابت، وفتح المجال أمام الأجير للزيادة في هذا الأجر، وبالتالي تحقق للمشغل الجمع بين الكمية المرغوب فيها والجودة المطلوبة.

ثانيا // السياسة التشريعية في تحديد الأجر :

تتدخل الدولة عن طريق وضع حد أدنى للأجر، وبذلك تضمن للأجراء حد أدنى من الحماية، من أجل الحفاظ على قدرتهم الشرائية التي تتغير بتغير مستوى الأسعار وازدياد نسبة التضخم.

أ – مبدأ الحد الأدنى للأجر :

يقصد بالحد الأدنى القانوني للأجر، القيمة الدنيا المستحقة للأجير، والذي يضمن للأجراء ذوي الدخل الضعيف قدرة شرائية مناسبة لمسايرة تطور مستوى الأسعار، والمساهمة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتطور المقاولة، هذا وتطبيق مبدأ الحد الأدنى القانوني إن كان يطال جميع الأجراء، فإنه من ناحية أخرى يمنع كل تمييز في الأجر بين الجنسين، عندما تتساوى قيمة الشغل الذي يؤديانه، كما يجب أداؤه بالعملة الوطنية المتداولة.

ويستحق العمال الحد الأدنى للأجر، سواء كانوا يتقاضون أجورهم على أساس ساعة شغل، أو على أساس يوم شغل، أو على أساس القطعة أو الشغل المؤدى أو المردودية، اللهم إذا حدث نقص في حجم الشغل، ثبت بناء على معاينة يقوم بها خبير مقبول أنه يعود مباشرة إلى الأجير، وفي هذه الحالة لا يستحق هذا الأخير سوى الأجر المناسب للشغل المنجز حتى ولو كان دون الحد الأدنى القانوني.

وقد راعي المشرع حالة توقف الشغل بسبب لا يعود للأجير مخافة تأثير ذلك على الحد الأدنى للأجر، وهكذا أشارت المادة 347 من المدونة على أنه يؤدى للأجير عن المدة التي يقضيها في مكان الشغل في حالة ضياع الوقت لسبب خارج عن إرادته، أجر يحتسب بناء على نفس الأسس التي يحتسب عليها الأجر العادي. غير أنه إذا كان الأجير يتقاضى أجره، على أساس القطعة، أو الشغل المؤدى، أو المردودية، وجب له عن ذلك الوقت الضائع أجر يؤدى له على أساس معدل أجره خلال السنة والعشرون يوما السابقة، على أن لا يقل ذلك عن الحد الأدنى القانوني للأجر،

كما أن ضياع الوقت في النشاطات غير الفلاحية عندما يكون راجعا لأسباب خارجة عن إرادة الأجير، فإن الوقت المقضي بأماكن الشغل يحسب لفائدة الأجير ويؤدى عنه على أساس الأجرة العادية وفي المقابل إذا تعذر على المشغل في النشاطات الفلاحية، توفير الشغل بسبب حالات جوية غير مألوفة، فإن الأجير الذي يكون رهن إشارة المشغل طيلة الصباح وما بعد الزوال يستفيد من أجرة نصف يوم إذا ظل عاطلا اليوم بكامله، ويتقاضى ثلثي الأجرة اليومية إذا ظل عاطلا خلال نصف يوم فقط.

ب – كيفية اعتماد الحد الأدنى للأجر:

يتم تحديد الحد الأدنى القانوني للأجر بنص تنظيمي تصدره السلطة الوصية على ميدان الشغل وهي وزارة التشغيل، وذلك بعد استشارة المنظمات المهنية للمشغلين والمنظمات النقابية للأجراء الأكثر تمثيلا، وتختلف طريقة احتساب الحد الأدنى القانوني للأجر حسب اختلاف القطاعات الاقتصادية، ففي القطاعين الصناعي والتجاري والمهن الحرة، وفي قطاع الخدمات يحدد على أساس الأجر المؤدى عن يوم شغل .

وقد تم مؤخرا إصدار مرسوم قانون رقم 12.19.424 يتعلق بالزيادة في الحد الأدنى القانوني للأجر في الصناعة والتجارة والمهن الحرة والفلاحة، جاء في إطار تطبيق نتائج الاتفاق الاجتماعي الذي تم بين الحكومة وثلاث مركزيات نقابية والاتحاد العام لمقاولات المغرب خلال 2 أبريل 2019، والذي أفضى إلى اتخاذ قرار بتحسين الوضعية المادية للأجراء سواء بالقطاع العمومي أو القطاع الخاص.

ومن بين الإجراءات التي تقرر أن تدخل حيز التطبيق ابتداء من فاتح يوليوز 2019، الرفع من الحد الأدنى القانوني للأجر المعمول به في قطاعات الصناعة والتجارة والخدمات وفي الفلاحة بنسبة 10 في المائة على مرحلتين، 5 في المائة ابتداء من فاتح يوليوز 2019 و 5 في المائة في يوليوز 2020 وهكذا أصبح الحد الأدنى القانوني للأجر في قطاعات الصناعة والتجارة والخدمات 14.13 درهما للساعة ابتداء من فاتح يوليوز 2019 و 14,81 درهما ابتداء من فاتح يوليوز 2020.

أما بالنسبة للقطاع الفلاحي والغابوي وتوابعه فتحدد الأجرة اليومية الدنيا في المرحلة الأولى في 73,22 درهما ابتداء من فاتح يوليوز 2019، و 76.70 درهم ابتداء من فاتح يوليوز 2020 ويدخل في حساب الحد الأدنى القانوني للأجر في النشاطات غير الفلاحية الحلوان ومكملات الأجر الأخرى مادية كانت أو عينية، أما في النشاطات الفلاحية فلا تحسب الفوائدالعينية ضمن الحد الأدنى القانوني للأجر.

وفي الأخير نشير إلى أن الحد الأدنى للأجر من النظام العام، وكل اتفاق بتخفيضه سواء كان فرديا أو جماعيا يكون باطلا بقوة القانون والمشغل الذي يخالف هذه المقتضيات يعاقب بغرامة من 300 إلى 500 درهم، وتكرر عقوبات الغرامة بتعدد الأجراء الذين لم يراع في حقهم تطبيق الحد الأدنى القانوني للأجر على أن لا يتجاوز المجموع 20.000 درهم،

بالإضافة إلى ذلك فإنه وعند النزاع، إذا لم تؤد المبالغ المستحقة قبل انعقاد الجلسة فإن المحكمة تقضي تبعا لطلب الأجير المعني بالأمر، بما يعادل الحد الأدنى القانوني للأجر من المبالغ التي احتجزت له كلا أو بعضا دون سبب قانوني.

ثالثا // الأحكام الخاصة بأداء الأجر :

لقد وضع المشرع بعض الأحكام التي تنظم أداء الأجر سواء من حيث زمان أو مكان الوفاء، وكذلك كيفية إثباته

1 – الوفاء بالأجر :

نظرا للوظيفة الاقتصادية والاجتماعية للأجر، فقد قرر المشرع المغربي في المادة 363 من مدونة الشغل على أن الأجور تتم بصفة دورية، ولكن هذه الدورية تختلف باختلاف الأجراء وفق الآتي:

– بالنسبة للعمال يجب أداء الأجر مرتين في الشهر تفصل بينهما مدة لا تزيد عن 16 يوما.

– بالنسبة للمستخدمين أداء الأجرة مرة كل شهر.

– بالنسبة للممثلين التجاريين وكذا الوسطاء في التجارة والصناعة تؤدى عمولتهم مرة كل ثلاثة أشهر على الأقل.

– بالنسبة للشغل المنجز على أساس القطعة أو الشغل المؤدى أو المردودية لإنجاز أي شغل يتطلب أكثر من خمسة عشر يوما، فإن تواريخ الأداء يتم تحديده باتفاق الطرفين وذلك بشرط أن يحصل العامل على تسبيق كل 15 يوما ويتقاضى أجره كاملا خلال 15 يوما الموالية بعد إنجاز الشغل.

– فيما يخص أداء مستحقات الأجير عند فصله عن شغله، فيجب أداء الأجر للأجير الذي يتقاضى أجره على أساس الساعة أو اليوم خلال الأربع والعشرين ساعة الموالية لفصله عن شغله، وخلال الاثنين والسبعين ساعة الموالية لمغادرته شغله، إذا ترك مشغله من تلقاء نفسه.

2 – زمان الأداء :

حتى يتمتع العامل براحته، فقد حرمت المادة 366 من م. ش أداء أجور العمال في الأيام المخصصة لراحة العمال، لكن في قطاع البناء وقطاع الأشغال العمومية، إذا كان يوم الراحة الأسبوعية، يوم سوق، فإنه يمكن تأدية الأجر في هذا اليوم لكن قبل الساعة التاسعة صباحا. ويجب على المشغل أن يعلن في ملصق عن التاريخ واليوم والساعة والمكان المحدد لكل دورية تدفع فيها الأجور والأقساط المسبقة عند الاقتضاء، وينبغي أن يكون ذلك الإعلان مثبتا بشكل ظاهر، وأن يحافظ عليه كي يظل سهل القراءة،

ويمكن معاينة عملية أداء الأجور والتسبيقات من طرف الأعوان المكلفين بتفتيش الشغل. وعليه، فيجب الشروع في أداء الأجور ابتداء من الساعة المعلن عنها في الملصق، وإتمامها بعد انتهاء شغل الأجير بثلاثين دقيقة على الأكثر باستثناء حالة القوة القاهرة.

ويمكن للأعوان المكلفين بتفتيش الشغل السماح بتجاوز ما تضمنته هذه المادة إذا تعلق الأمر بالمقاولات المنجمية وأوراش البناء والأشغال العمومية والمعامل التي تشغل باستمرار والمقاولات التي تشغل أكثر من مائة أجير. وأداء الأجور يجب أن يكون مسترسلا دون انقطاع بالنسبة لأجراء المؤسسة الواحدة والورش الواحدة، سواء تعلق الأمر بصرف الأجور أو الأقساط المسبقة التي تؤدى بين كل فترتين متتابعتين من فترات الأداء.

3 – مكان الأداء :

المشرع لم يفرض على المشغل مكانا محددا لأداء الأجور، لكن مادام أن أداء الأجر يجب أن ينتهي على أبعد تقدير بعد نصف ساعة من الوقت المحدد للشغل، فمعنى ذلك أن أداء الأجر يجب أن يتم في المؤسسة أو في مكان قريب جدا منها، وذلك بهدف تجنب تنقلات الأجراء.

4 – إثبات أداء الأجر :

خلافا للقاعدة المدنية المنصوص عليها فلي المادة 339 من ق ل ع والتي تقضي بأن إثبات الالتزام على مدعيه، فإن المشرع في المادة الاجتماعية عمل على قلب عبء إثبات أداء الأجر فجعله على عاتق المؤاجر، لتوفره على أدوات أوجبها المشرع وتتمثل في ورقة أداء الأجر، ودفتر الأداء، وتوصيل تصفية حساب.

أ – ورقة الأداء:

حسب المادة 370 من مش، فإنه يجب على المشغل أن يسلم أجراءه عند أداء أجورهم وثيقة إثبات تسمى “ورقة الأداء”، تكون متضمنة وجوبا البيانات التي تحددها السلطة الحكومية المكلفة بالتشغيل، كاسم المشغل، واسم الشركة، والمهنة، ورقم انخراطه في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، واسم الأجير ورقم انخراطه في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وصفته المهنية، ومدة وتاريخ العمل، والمزايا الممنوحة للأجير، ومبلغ الأجر الإجمالي والاقتطاعات من الأجر، وكذا الإشارة إلى عدد الساعات الإضافية ونسبة الزيادة المقررة قانونا عنها إن وجدت، وتاريخ وقوع الأداء مرفوقا بتوقيع المشغل والأجير المعني بالأمر.

والدور الأساسي لإعطاء الأجير ورقة الأداء هي اطلاعه على كيفية حساب أجرهم ،كما أنها وسيلة إثبات مهمة بيد المشغل لإبراء ذمته في مواجهة الأجراء. وإذا كانت البطاقة تعتبر وسيلة إيجابية في إثبات أداء الأجر، فإن المشرع لم يجعل منها سوى بداية حجة بالإثبات، بنصه في الفقرة الثانية من المادة 370 على أن تسلم الأجير لورقة الأداء أثناء تسلمه للأجر دون تحفظ أو احتجاج لا يعد تنازلا منه على المبالغ التي يرى أنه لازال دائنا بها للمشغل، وذلك حتى لو قام الأجير بالتوقيع على ورقة الأداء، وكانت ذيل هذه الورقة مختومة بعبارة قرئ وصودق عليه …

وعليه فكلما اكتشف الأجير، وجود خطأ مادي في الحساب أو عند عدم احتساب مبالغ مالية مستحقة له، أن يطعن في ورقة الأداء وبالتالي المطالبة بمستحقاته، ويعاقب المشغل عند عدم تسليم الأجراء ورقة الأداء أو عدم تضمينها البيانات المحددة من لدن السلطة الحكومية المكلفة بالشغل بغرامة من 300 إلى 500 درهم مع تكرار العقوبات بتعدد الأجراء الذين لم يراع في حقهم تطبيق أحكام القانون.

ب – دفتر الأداء :

إلى جانب بطاقة الأداء التي يجب أن تسلم للأجير، يتعين على المؤاجر أن يمسك دفترا خاصا بالأداء وفق نموذج تحدده الوزارة المكلفة بالشغل. ويجب أن يمسك هذا الدفتر من طرف المؤاجر بعناية خاصة سواء من حيث ترتيب التواريخ وترقيم الصفحات، ويجب أن يتضمن هذا الدفتر جميع البيانات الموجودة في بطاقة الأداء. ويمكن لمفتش الشغل وكذا لمفتشي الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي طلب الإطلاع على هذا الدفتر في كل وقت وحين.

ويمكن للمشغل الاستعاضة عن دفتر الأداء باعتماد أساليب المحاسبة الميكانوغرافية أو المعلوماتية أو أي وسيلة أخرى من وسائل المراقبة يراها العون المكلف بتفتيش الشغل كفيلة بأن تقوم مقام ذلك الدفتر. ويجب على المؤاجر الاحتفاظ بهذا الدفتر وبمختلف الوسائل الأخرى طيلة مدة سنتين من إقفال دفتر الأداء أو من تاريخ اعتمادها.

وعند مخالفة هذه المقتضيات، يعاقب المشغل بغرامة من 300 إلى 500 درهم ويتكرر مبلغ هذه الغرامة بتعدد عدد المخالفات المرتكبة في حق الأجراء على أن لا يتجاوز عدد الغرامات 20.000 درهم.

ج – توصيل تصفية حساب :

انقضاء مدة عقد الشغل أو فسخه، يصرح فيه بأنه لم تعد له أية مطالب مالية عند المؤاجر. وحماية للأجير الذي يضطر في الغالب إلى توقيع هذا التوصيل تحت تأثير الضغط أو الغلط أو بدون تفحص دقيق لحساباته، فإن المشرع المغربي تدخل بمقتضى المواد 73-74 76-75 من م ش، ونص على جملة أحكام وشروط ملزمة في التوصيل لا يمكن للمؤاجر مخالفتها، وهكذا بعد أن عرفت المادة 73 هذا التوصيل بأنه هو الذي يسلمه الأجير للمشغل عند إنهاء العقد لأي سبب كان وذلك قصد تصفية كل الأداءات اتجاهه، نصت المادة 74 على جملة من الشروط الواجب توفرها في التوصيل تحت طائلة اعتباره باطلا حيث استلزمت تضمينه:

1- المبلغ المدفوع بكامله قصد التصفية النهائية للحساب مع بيان مفصل للأداءات.

2- أجل سقوط الحق المحدد في ستين يوما بدل ثلاثين يوما الواردة في المادة 754من ق ل (ع) مكتوبا بخط واضح تسهل قراءته.

3- الإشارة إلى كون التوصيل محررا في نظيرين يسلم أحدهما للأجير.

يجب أن يكون توقيع الأجير على التوصيل مسبوقا بعبارة قرأت ووافقت. وإذا كان الأجير أميا فيجب أن يكون توصيل تصفية كل حساب موقعا بالعطف من قبل العون المكلف بتفتيش الشغل. هذا ويمكن للأجير أن يتراجع عن التوصيل الذي وقعه خلال أجل ستين يوما التالية لتوقيعه إما برسالة مضمونة مع الإشعار بالتوصل يبعث بها المشغل أو بمقتضى مقال مرفوع أمام القسم الاجتماعي للمحكمة الابتدائية، ولا يعتد بالوسيلة المثبتة للتراجع، إلا إذا حدد فيها الأجير مختلف الحقوق التي لازال متمسكا بها.

وكل توصيل يتم التراجع عنه خلال الأجل القانوني يعد مجرد توصيل بسيط بالمبالغ المضمنة به ويمكن تعديله أو إلغائه، يعني أنه لا يمكن اعتباره كحجة على إبراء ذمة المؤاجر بكيفية نهائية. هذا ويعتبر باطلا كل تنازل أو صلح يوقعه الأجير طبقا لمقتضيات المادة 1098 من قانون الالتزامات والعقود يؤدي إلى حرمانه من الحصول على الحقوق المقررة له قانونا والناتجة عنه عقد الشغل أو إنهائه.

رابعا // عناصر الأجر ومكملاته :

يتقاضي الأجير بالإضافة إلى الأجر الأساس بعض المزايا النقدية والعينية (كالانتفاع بسكنى بالنسبة للبوابين والحراس، وكذا عمال المؤسسات المنجمية، أو توفير الأكل والإيواء لعمال البحر أو عمال المطاعم والفنادق والمقاهي)، ومن هنا يثور التساؤل حول ما إذا كانت المزايا الإضافية تعتبر جزءا من الأجر أم لا؟ ويترتب على ذلك نتيجة عملية وهي أن تحديد الوعاء الضريبي في الضريبة على الدخل، تحديد مقدار الاشتراكات والانخراط في الضمان الاجتماعي، التعويضات عن الفسخ التعسفي وحوادث الشغل والأمراض المهنية، تتم على أساس مقدار الأجر.

وبالرجوع إلى مدونة الشغل، نجد أن المادة 357 تنص على أنه: “يحتسب الحد الأدنى القانوني للأجر في النشاطات الغير الفلاحية تبعا للقيمة المحددة له في المقتضيات التنظيمية الجاري بها العمل، ويدخل في حسابه الحلوان، ومكملات الأجر مادية كانت أو عينية، لا تحتسب الفوائد العينية في النشاطات الفلاحية ضمن الحد الأدنى القانوني للأجر”. ومادام أن مكملات الأجر المادية أو العينية تحتسب في تحديد الحد الأدنى القانوني للأجر، في النشاطات الغير الفلاحية، أي النشاطات الصناعية والتجارية والخدماتية والمهن الحرة، فلابد من التعريف بهذه المكملات.

1 – العمولة La commission‏ :

يقصد بها المبلغ المالي الذي يحصل عليه الممثل التجاري أو الوسيط في شكل نسبة مئوية من قيمة الصفقة التي يبرمها، وهي لا تتوقف على الربح ولكن فقط على مجموعة الصفقات التي أبرمها الوسيط أو الممثل التجاري، وهذا ما يحفزه على إبرام أكبر عدد ممكن من الصفقات والعقود التجارية للرفع من قيمة العمولة التي يحصل عليها، خصوصا إذا كانت هي أجره الوحيد، لكن هذا الوسيط التجاري قد لا يغامر، فيتفق مع صاحب العمل على أن تكون العمولة مجرد مزية تضاف إلى أجره الثابت. وتبعا لذلك فالعمولة قد تكون أجرا أو جزء من أجر.

وفي هذا الإطار تنص المادة 354 من م ش أنه: “إذا كان الأجير يتقاضى أجره كله أو بعضه على أساس العمولة، فإن علاوة الأقدمية تحسب له على أساس معدل الأجر الصافي الذي يكون حصل عليه خلال الأشهر الثلاثة السابقة لتاريخ استحقاقه هذه العلاوة”.

2 – المنحة La prime :

‏هي عبارة عن مبلغ من النقود غير ثابت يضاف للأجر لاعتبارات تتعلق أساسا بصفات أو قدرات خاصة بكل أجير على حدة، كأقدميته، كفاءته وأدائه المهني، أو لمواظبته في عمله وإنجازه إياه دائما في المواعيد المحددة له، وعدم ارتكابه أية مخالفة أو حوداث. وهذه المنح تعتبر تبرعية أو اختيارية تخضع لمقاييس يحددها المشغل، ولا تصبح إلزامية إلا إذا تضمنها عقد الشغل الفردي أو الاتفاقية الجماعية أو النظام الداخلي للمؤسسة أو جرى العرف على منحها، إلا أن منحة الأقدمية أقرها المشرع وبالتالي يستفيد كل أجير من هذه المنحة بعد قضائه مدة معينة من الشغل في المؤسسة.

3 : المكافأة ‏gratification ‏la :

هي مبلغ نقدي أو عيني يؤديه المؤاجر لأجير في مناسبة معينة كمناسبة العيد أو في نهاية السنة كأجر الشهر الثالث عشر. والأصل أن تكون اختيارية، ولذلك لا تحتسب في الأجر، لكن قد يجري بها عرف أو ينص عليها عقد الشغل أو الاتفاقيات الجماعية وهو ما يكسبها الثبات والاستمرارية والتحديد، فضلا عن شمولها لكل الأجراء أو فئة منهم وهي خصائص لابد من توفرها حتى تحتسب كعنصر مكمل للأجر.

وفي هذا الإطار ينص الفصل 19 من ظهير 27 يوليوز 1972 المتعلق بالضمان الاجتماعي على إدخالها ضمن مجموع مرتبات التي يتوصل بها الأجير لتحديد واجب الاشتراك في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وتعتبر أيضا طبقا للمادة 357 من مدونة الشغل من توابع الأجر، تدخل في حساب التعويض عن الفصل من الشغل.

4 – الحلوان والإكراميات Les pour boires‏ :

هي نوع خاص من الأجور تؤدى من طرف الزبون إما للأجير نفسه (ما قد يمنحه المستهلك في مطعم ما للنادل الذي يقدم له وجبة الطعام أو المؤاجر الذي يكون قد حرر فاتورة خاصة بشأن تلك الخدمة) وتعتبر الإكراميات عنصرا من الأجر، وذلك ما يستفاد من عدة نصوص قانونية، نذكر منها ظهير 27 يوليوز 1972 المتعلق بالضمان الاجتماعي، إذ يعتبرها جزءا من الأجر لاحتساب الاقتطاعات التي يتطلبها الانخراط في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي،

كما أن مدونة الشغل تطرقت لمعالجة توزيع الحلوان ومراقبته، وذلك في المواد 376 إلى 381 وإقرار غرامات مخالفة تلك المقتضيات في المادتين 380 و 381، فالمشغل الذي يقتطع مبالغ مالية من الزبناء برسم الإكراميات، أو ما يسميه بالحلوان، وذلك لقاء الخدمة التي يقدمها أجراؤه في الفنادق والمقاهي والمطاعم،

وبصفة عامة في سائر المؤسسات التجارية التي تقتطع مثل هذه المبالغ، فإن كل ما يحصله المشغل من مبالغ على ذلك الأساس، وكذلك كل ما يتلقاه الأجير يدا بيد من مبالغ، برسم الإكراميات، يجب أن تؤدى بكامله إلى جميع الأجراء الذين يشتغلون باتصال مع الزبناء،

بحيث أن المشغل الذي يخالف هذه المقتضيات يعاقب بغرامة من 2000 إلى 5000 درهم. هذا بالإضافة إلى أنه يمنع على المشغل أن يستفيد من المبالغ المتحصلة برسم الإكراميات، والتي يجب أن توزع كل شهر على الأقل على الأجراء الذين يشتغلون باتصال مع الزبناء، وذلك في المكان واليوم والساعة المحددة لعملية أداء الأجور.

وإذا كان مقدار الإكراميات دون الحد الأدنى القانوني للأجر، فإنه يجب على المشغل أن يدفع إلى الأجراء القسط المكمل للحد الأدنى القانوني للأجر، وعند مخالفته لهذه المقتضيات يعاقب بغرامة من 2000 إلى 5000 درهم.

5 – المشاركة في الأرباح :

يقصد بالمشاركة في الأرباح، إعطاء الأجراء زيادة على أجورهم قدرا من الربح الذي تحققه، وذلك في صورة نسبة مئوية، وذلك لتحفيزهم للمزيد من الإنتاج وتحسين جودته وإتقانه وحصول العامل على أجر في شكل نسبة من ربح المؤسسة لا يجعل منه شريكا وذلك لخضوعه لإشراف ورقابة وسلطة صاحب العمل.

ونسبة المشاركة في الأرباح تعد من مكملات الأجر ومن توابعه، وتدخل ضمن عناصر الأجر، التي تخضع للاقتطاعات ولحساب التعويضات، وهذا ما نصت عليه مدونة الشغل في المادة 354، حيث جاء فيها: “إذا كان الأجير يتقاضي أجره كله أو بعضه على أساس النسبة المئوية من الأرباح…”.

Share this content:

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *