|

إقامة الدعوى العمومية من طرف وكيل الملك

يختص وكيل الملك بإقامة الدعوى العمومية وممارستها في المخالفات والجنح، إلا ما استثناه القانون. ويختص وكيل الملك بإقامة الدعوى إذا كانت الجريمة قد ارتكبت بدائرة نفوذه، أو كان أحد المشتبه فيهم بارتكابها يقيم بدائرته، أو إذا تم إلقاء القبض على أحد هؤلاء بدائرة نفوذه.

أولا – إقامة الدعوى العمومية في المخالفات :

تقام الدعوى العمومية بشأن المخالفات من طرف وكيل الملك بواسطة أحد الأشكال الآتية :

1 – السند القابل للتنفيذ :

يتم اللجوء إلى هذه المسطرة كلما تعلق الأمر بمخالفة يعاقب عليها القانون بغرامة فقط، والتي تكون مثبتة بمقتضى محضر أو تقرير ولا يظهر فيها متضرر أو ضحية، والسند القابل للتنفيذ في المخالفات هو عبارة عن اقتراح مكتوب يتم توجيهه من طرف وكيل الملك إلى المخالف أو إلى المسؤول المدني، ويقترح عليه أداء غرامة جزافية مرفقا برسالة التبليغ وشهادة التسليم.

يتضح من خلال ما سبق أن هناك شروطاً ينبغي توافرها من أجل اللجوء إلى مسطرة السند القابل للتنفيذ نجملها في أن يتعلق الأمر بمخالفة معاقب عليها بغرامة فقط، وأن تكون الغرامة مثبتة بمقتضى محضر أو تقرير، وألا يظهر متضرر أو ضحية، فإذا ثبت العكس وجب على النيابة العامة سلوك المسطرة العادية.

ويتضمن السند القابل للتنفيذ وجوبا مجموعة من البيانات تتمثل في ” تاریخ صدور السند القابل للتنفيذ وإمضاء قاضي النيابة العامة؛ والإسم الشخصي والعائلي لمرتكب المخالفة ومهنته ومحل سكناه ورقم بطاقة هويته ونوعها إن أمكن، ونفس المعلومات بالنسبة للمسؤول المدني إن اقتضى الحال؛ وبيان المخالفة ومحمل و تاريخ ارتكابها ووسائل إثباتها؛ والنصوص القانونية المطبقة في القضية؛ وبيان مبلغ الغرامة الجزافية المقترحة مع الإشارة إلى أدائها بصندوق كتابة ضبط بأي محكمة ابتدائية”.

وتكمن الغاية الإجرائية للسند القابل للتنفيذ أنه منح للنيابات العامة على سبيل الجواز في سائر الحالات التي ترتكب فيها مخالفة يعاقب عليها القانون بغرامة مالية فقط بعد ثبوتها في محضر أو تقرير، ولا يظهر فيها متضرر أو ضحية أن تقترح على المخالف بمقتضى سند قابل للتنفيذ، أداء غرامة جزافية تبلغ نصف الحد الأقصى للغرامة المنصوص عليها قانونا.

ويصبح السند التنفيذي نهائيا عند التوصل به مرفقا برسالة التبليغ وانصرام أجل عشرة أيام من تاريخ التبليغ أو تاريخ الرفض، حيث يسلم كاتب الضبط ملخصا إلى الجهة المكلفة بتنفيذ الغرامات.

ويحرر السند التنفيذي في نظيرين يرفق الأصل مع رسالة التبليغ وشهادة التسليم إلى المخالف أو المسؤول الذي يحتفظ بالنظير في الملف المفتوح بالنيابة العامة، فإذا كان المخالف أو المسؤول الذي يقيم بدائرة نفوذ المحكمة يتم تبليغه بإحدى الطرق التالية “برسالة مضمونة مع الإشعار بالاستلام، أو عن طريق عون التبليغ التابع للمحكمة، أو عن طريق مفوض قضائي، أو عن الطريقة الإدارية”.

2 – الاستدعاء للجلسة :

يوجه وكيل الملك الاستدعاء للمخالف لحضور الجلسة العلنية التي يبت فيها قاض منفرد في الموضوع . وهذه الطريقة هي الكيفية العادية لإقامة الدعوى العمومية في المخالفات. ويمكن تطبيقها حتى بالنسبة للمخالفات القابلة لتطبيق مسطرة السند القابل للتنفيذ. وبطبيعة الحال فإنها تعتبر الوسيلة الوحيدة لإقامة الدعوى العمومية في المخالفات الأخرى التي لا تتوفر فيها شروط مسطرة السند القابل للتنفيذ.

ثانيا – إقامة الدعوى العمومية في الجنح:

تقام الدعوى العمومية من أجل جنحة من الجنح، إما بالاستدعاء المباشر، أو بواسطة الإحالة الفورية على المحكمة، أو عن طريق المطالبة بإجراء تحقيق إذا كانت الجريمة تقبل التحقيق، أو بواسطة ملتمس يرمي لاستصدار أمر قضائي في غيبة المعني بالأمر.

1 – الاستدعاء للجلسة :

يوجه وكيل الملك الاستدعاء للمتهم للحضور بالجلسة وفقا لمقتضيات المواد 308 وما يليها. ويستدعي في نفس الوقت المسؤول عن الحق المدني إن وجد، فالاستدعاء هو الذي يحرك الدعوى العمومية في هذه الحالة، وأما ما اعتاد بعض أعضاء النيابة العامة تدوينه على هامش المحضر مثل ” متابعة فلان من أجل جنحة السكر البين واستدعائه لجلسة كذا” ، فلا يمكن اعتباره سوى تعليمات يصدرها قاضي النيابة العامة لمساعديه ( كتاب النيابة العامة ) من أجل تحرير استدعاء وفقاً لمقتضيات المادتين 308 و 309 من قانون المسطرة الجنائية.

ويتعين على قاضي النيابة العامة الإمضاء على النسخة الأصلية للاستدعاء، وتبلغ نسخة مطابقة للأصل منه إلى المعني بالأمر. والاستدعاء هو الطريقة الأصلية لإقامة الدعوى العمومية، وأما باقي الطرق فهي استثناء.

2 – الإحالة الفورية :

طبقا لمقتضيات المادة 74 ، يتم تقديم المتهم إلى الجلسة فورا، وفي كل الأحوال داخل ثلاثة أيام دون سابق استدعاء، بعد استنطاقه من طرف وكيل الملك أو نائبه وتطبيق هذه المسطرة لا يكون متاحاً إلا إذا كان المتهم ماثلاً أمام النيابة العامة، سواء كان تحت الحراسة النظرية أو تم تقديمه من طرف الشرطة أو دعي للحضور من قبلها فحضر .

وتبعاً لما نصت عليه المادة 74 فلا تطبق هذه المسطرة إلا في حالات التلبس بالجنحة المنصوص عليها في المادة 56 من قانون المسطرة الجنائية، أو إذا لم تتوفر في مرتكبها ضمانات كافية للحضور حيث يمكن لوكيل الملك أو نائبه أن يصدر أمراً بإيداع المتهم في السجن بعد إشعاره بحقه في تنصيب محام حالاً، واستنطاقه عن هويته وعن الأفعال المنسوبة إليه.

ويمكن لوكيل الملك أن يقرر إيداع المتهم بالسجن أو يقدمه للمحكمة حرا مقابل تقديم كفالة مالية أو شخصية. وبالرجوع إلى مقتضيات الفقرة الأولى من المادة 74 يتبين أن الخيارات المتاحة لوكيل الملك هي التالية (متابعة المتهم وإصدار أمر بالإيداع في السجن في حقه – متابعته في سراح بعد أداء كفالة مالية – متابعته في سراح مقابل كفالة شخصية).

على أن هذه الخيارات هي مجرد إمكانية متاحة لوكيل الملك إذا تعلق الأمر بتطبيق مسطرة التلبس أو في حالة انعدام ضمانات الحضور، وقد نصت المادة 74 على ذلك بالقول: “إذا تعلق الأمر … فإنه يمكن لوكيل الملك أو نائبه”. وبديهي أن وكيل الملك يمكن أن يعدل عن تطبيق هذه الخيارات إلى الخيار الأصلي وهو المتابعة بواسطة الاستدعاء، شريطة احترام الآجال المرتبطة بذلك.

ومن جهة أخرى يلاحظ أنه إذا كانت المادة 74 من ق. م. ج، تتيح لوكيل الملك إمكانية اعتقال المتهم في حالتين هما” حالة التلبس بالجنحة ؛ وحالة انعدام ضمانات الحضور لدى المتهم” فإن المادة 47 من ق م ج قد نصت على تطبيق المسطرة المذكورة في حالات أخرى بالإضافة إلى حالة التلبس بالجنحة.

وهذه الحالات تقسم إلى مجموعتين. وينبغي أن يتوفر شرط من المجموعة الأولى، وشرط من المجموعة الثانية على الأقل، لإمكانية تطبيق مسطرة الإحالة الفورية. والمجموعة الأولى من الشروط هي: (اعتراف المشتبه فيه بالأفعال المكونة لجريمة يعاقب عليه ابالحبس – أو ظهور معالم أو أدلة قوية على ارتكابه لها)،

وأما المجموعة الثانية فهي الآتية: ( لا تتوفر في المتهم ضمانات الحضور- أو يظهر أنه خطير على النظام العام- أو يظهر أنه خطير على سلامة الأشخاص أو الأموال). وهكذا ينبغي إذا لم تتوفر حالة التلبس أن يتحقق شرط من المجموعة الأولى وشرط من المجموعة الثانية على الأقل لسلوك مسطرة الإحالة الفورية المنصوص عليها في المادة 74 ق.م. ج.

3 – المطالبة بإجراء تحقيق :

يمكن لوكيل الملك أن يلتمس إجراء تحقيق إذا كان الحد الأقصى للعقوبة المقررة للجنحة هو خمس سنوات أو أكثر.كما يمكن له أن يلتمس إجراء تحقيق إذا تعلق الأمر بجنحة ارتكبها حدث يقل سنه عن 18 سنة كيفما كانت العقوبة المقررة لتلك الجنحة .وفي حالات أخرى قد ينص القانون على إجراء التحقيق إجباريا أو اختيارياً، فيتعين تطبيق إرادة المشرع إذا كان يأمر به على سبيل الوجوب.

4 – الأمر القضائي :

إذا تعلق الأمر بجنحة يعاقب عليها القانون فقط بغرامة لا تتجاوز خمسة آلاف درهم، ولا يظهر فيها متضرر، ويكون ارتكابها مثبت في محضر أو تقرير، يمكن لوكيل الملك أن يتقدم بملتمس إلى القاضي من أجل إصدار أمر قضائي في غيبة المتهم ودون استدعائه.

ولا يمكن أن تتجاوز الغرامة التي يحكم بها القاضي في هذه الحالة نصف الحد الأقصى للغرامة المقررة قانونا للجنحة، بالإضافة إلى المصاريف والعقوبات الإضافية. ويتم تبليغ الأمر القضائي للمتهم وللمسؤول المدني عند الاقتضاء، اللذين يمكنهما التعرض عليه داخل أجل عشرة أيام من تبليغه. وفي حالة التعرض تجري المحاكمة بالشكل الحضوري العادي. ويقبل حكم المحكمة الاستئناف.

Share this content:

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *