إدماج العقوبات / احتساب العقوبة

1 – إدماج العقوبات :

إدماج العقوبات ينصب على الأحوال التي ترتكب فيها عدة جرائم من قبل شخص في أن واحد أو في أوقات متوالية دون أن يفصل بينها حكم غير قابل للطعن.

الإجراءات :

يقدم طلب إدماج العقوبات إلى وكيل الملك أو الوكيل العام للملك بالمحكمة المصدرة لآخر مقرر قضائي، ويرفق هذا الطلب بالوثائق التالية : القرارات القضائية الصادرة في مواجهة مقدم الطلب وما يفيد حيازتها لقوة الشيء المقضي به.

الآثار القانونية :

يقدم وكيل الملك و الوكيل العام للملك طلب الإدماج إلى هيئة المحكمة المختصة.

إذا تم إدماج العقوبات فإن المعني بالأمر ينفذ العقوبة الأشد.

2 – احتساب العقوبة :

يمكن لكل شخص تقديم طلب إعادة احتساب العقوبة الصادرة في مواجهته في حال وجود ما يبرر ذلك إلى النيابة العامة.

الإجراءات :

يقدم طلب احتساب العقوبة إلى النيابة العامة ويستحسن أن يرفق الطلب بالوثائق المعززة له.


تعدد الجرائم :

تعدد الجرائم يُقسم إلى نوعين رئيسيين : صوري و حقيقي.

– التعدد الصوري للجرائم :

يتحقق عندما يصدر عن الجاني فعل واحد يمكن أن يوصف بعدة أوصاف قانونية، أي أن الفعل نفسه يخرق أكثر من نص قانوني في آن واحد. وفي هذه الحالة، لا نكون أمام تعدد حقيقي للجرائم، لأن الفعل لا يتجزأ ولا يشكل سوى جريمة واحدة بأوصاف متعددة.

مثال على ذلك: من يشرع في هتك عرض أنثى في الطريق العام، يمكن أن يوصف فعله على أنه: إخلال علني بالحياء وفقًا للفصل 483 من القانون الجنائي المغربي، ومحاولة هتك عرض وفقًا للفصل 484 من القانون الجنائي المغربي.

ورغم تعدد النصوص التي يمكن تطبيقها على هذا الفعل، فإننا لا نكون أمام تعدد حقيقي للجرائم، بل تعدد صوري (غير حقيقي أو معنوي)، لأن الفعل الواحد لا يُعتبر جرائم متعددة، بل يخضع لتعدد في الأوصاف فقط.

أما حكم هذا النوع من التعدد فقد تضمنه الفصل 118 من القانون الجنائي المغربي على أن : “الفعل الواحد الذي يقبل أوصافًا متعددة يجب أن يوصف بأشدها.”

إذن، فإن المشرع المغربي في حالة التعدد الصوري للجرائم قرر تطبيق الوصف الأشد على الفعل الذي يقبل أوصافًا جنائية متعددة، استنادًا إلى ما ورد في الفصل 118 من القانون الجنائي. وبهذا، إذا ارتكب شخص فعلًا واحدًا يشكل خرقًا لعدة نصوص قانونية، فإن النص الذي يفرض العقوبة الأشد هو الذي يتم تطبيقه.

ففي المثال السابق ، إذا أقدم شخص على الشروع في هتك عرض أنثى في الطريق العام، فإن فعله هذا يمكن أن يوصف بجريمتي الإخلال العلني بالحياء (المادة 483 من ق.ج) ومحاولة هتك العرض (المادة 484 من ق.ج). وفي هذه الحالة، يتم اعتبار جريمة محاولة هتك العرض هي الأساس الذي يُسأل الجاني بمقتضاه، نظرًا لأنها أشد من حيث الوصف والعقوبة مقارنة بجريمة الإخلال العلني بالحياء.

– التعدد الحقيقي أو المادي للجرائم :

التعدد الحقيقي أو المادي للجرائم يتحقق وفقًا للفصل 119 من القانون الجنائي المغربي عندما يرتكب الشخص أفعالًا متعددة، وكل فعل منها يشكل جريمة قائمة بذاتها، سواء ارتكبت هذه الجرائم في وقت واحد أو في أوقات متوالية، بشرط ألا يكون هناك حكم نهائي وغير قابل للطعن قد صدر في إحدى هذه الجرائم قبل ارتكاب الجريمة أو الجرائم اللاحقة.

وقد كان من المنطقي، في حالة التعدد الحقيقي للجرائم، أن يتم ضم العقوبات أو التدابير الوقائية المقررة قانونًا لكل جريمة من الجرائم التي ارتكبها الفاعل، باعتبار أن كل جريمة تستوجب عقوبة مستقلة عنها. غير أن المشرع المغربي، عند معالجته لأحكام التعدد الحقيقي للجرائم في المواد ذات الصلة، لم يأخذ بهذا المنطق بشكل مطلق، بل اعتمده جزئيًا فقط

الحالات التي أخذ فيها المشرع بقاعدة ضم العقوبات:

1 – العقوبات المالية :

نص المشرع في الفصل 121 من القانون الجنائي على أنه ” تضم العقوبات المالية سواء كانت أصلية أو مضافة إلى عقوبة سالبة للحرية، إلا إذا قرر الحكم خلاف ذلك بعبارة صريحة”.

يتضح من الفصل 121 من القانون الجنائي المغربي أن المحكوم عليه بعدة عقوبات مالية، سواء كانت عقوبات أصلية أو إضافية، يُلزم بتنفيذها جميعها دون استثناء ما عدا إذا ارتأت المحكمة خلاف ذلك مراعاة منها لبعض الظروف.

2 – العقوبات الإضافية و تدابير الوقاية :

نص الفصل 122 من مجموعة القانون الجنائي المغربي على ما يلي : “في حالة تعدد الجنايات أو الجنح تضم العقوبات الإضافية و تدابير الوقاية ما لم يقرر الحكم خلاف ذلك بنص معلل إلا أن التدابير الوقائية التي لا تقبل بطبيعتها أن تنفذ معا في نفس الوقت يراعى في ترتيب تنفيذها مقتضيات الفصل 91”.

و الفصل 91 المحال عليه جاء فيه ما يلي : ” إذا صدرت على نفس الشخص عدة تدابير وقائية غير قابلة للتنفيذ في آن واحد، فإنه يتعين على المحكمة التي أصدرت آخر تدبير أن تحدد الترتيب الذي يتبع في التنفيذ. إلا أن الإيداع القضائي في مؤسسة لمعالجة الأمراض العقلية، أو الوضع القضائي في مؤسسة للعلاج، ينفذان حتما قبل غيرهما”.

3 – العقوبات الصادرة في المخالفات :

جاء في الفصل 123 من القانون الجنائي على ما يلي : ” ضم العقوبات لزومي دائما في المخالفات”.

ضم العقوبات في حالة المخالفات يُعتبر لزوميًا دائمًا بموجب القواعد العامة التي تحكم هذا النوع من الجرائم. وبالتالي، فإن العقوبات الصادرة عن المخالفات، سواء كانت سالبة للحرية (كالاعتقال البسيط) أو مالية (كالغرامات)، تكون قابلة للضم دون استثناء.

يعني ذلك أن المحكوم عليه في مخالفات متعددة يُنفذ عليه مجموع العقوبات المفروضة عليه، دون أن تُراعى حدود معينة لتراكم هذه العقوبات كما هو الحال في الجرائم الأكثر خطورة، كالجنايات أو الجنح.

هذا التوجه يعكس بساطة التعامل القانوني مع المخالفات مقارنة بالجرائم الأخرى، حيث يهدف إلى تنفيذ كامل العقوبات لضمان احترام النظام العام وتحقيق الردع، مع الأخذ بعين الاعتبار أن طبيعة العقوبات في المخالفات تكون أقل حدة وأقل تأثيرًا على حقوق المحكوم عليه مقارنة بالعقوبات المقررة للجنايات أو الجنح.


اجتماع الأسباب المشددة و المخففة للعقوبة :

أورد المشرع المغربي المبدأ العام الواجب اتباعه عند اجتماع الأسباب المخففة و المشددة للعقوبة في الفصل 161 من القانون الجنائي المغربي والذي نص على ما يلي ” في حالة اجتماع أسباب التخفيف وأسباب التشديد يراعي القاضي في تحديد العقوبة مفعول كل منها على الترتيب الآتي:

الظروف المشددة العينية المتعلقة بارتكاب الجريمة.

الظروف المشددة الشخصية المتعلقة بشخص المجرم.

الأعذار القانونية المتعلقة بارتكاب الجريمة والمخفضة للعقوبة.

الأعذار القانونية المتعلقة بشخص المجرم والمخفضة للعقوبة.

حالة العود.

الظروف القضائية المخففة”.

من النص السابق، يتضح أنه يجب على المحكمة أن تأخذ بعين الاعتبار جميع أسباب التشديد والتخفيف عندما تبت في القضية التي أمامها، حتى وإن كانت الجرائم من نفس النوع. وبالتالي، يتعين عليها أن ترفع العقوبة أو تخفضها بناءً على هذه الأسباب، مع مراعاة التوازن بين مختلف العوامل المؤثرة في الحكم.

وعلاوة على ذلك، فإن المحكمة ملزمة بمراعاة الترتيب الذي حدده المشرع في المادة 161 من القانون الجنائي، بحيث لا يجوز لها تطبيق ظروف التخفيف القضائية أو الأعذار القانونية قبل النظر في الظروف المشددة سواء كانت عينية أو شخصية.

كما أنه لا يجوز للمحكمة تطبيق أحكام العود إلا بعد أخذ الظروف المشددة أو التخفيف بعين الاعتبار، ما لم يوجد نص قانوني خاص ينص على خلاف ذلك. هذا التوجه يعكس دقة ومرونة التشريع الجنائي الذي يهدف إلى تحقيق العدالة الجنائية وفقًا لمبادئ التناسب والعدالة بين العقوبة والظروف المحيطة بالجريمة.

كما في الفصل 422 من القانون الجنائي الذي منع فيه المشرع تمتيع قاتل أصله بأي عذر مخفف للعقوبة.

Share this content:

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *