أنواع الطلاق
الطلاق ينقسم باعتبار إمكانية الرجعة من غير عقد جديد أو عدم إمكانيتها إلا بعقد جديد، إلى طلاق رجعي من جهة وإلى طلاق بائن من جهة ثانية:
أولا : الطلاق الرجعي
الطلاق الذي يوقعه الزوج على زوجته بعد البناء للمرة الأولى أو الثانية، فهذا النوع من الطلاق لا يفصم عرى الزوجية فورا ونهائيا، بل يبقى للزوج خلال العدة الحق في إعادة زوجته المطلقة إلى عصمته دون حاجة إلى إبرام عقد جديد. حيث يعتبر الطرفان خلال العدة في حكم المتزوجين. وقد نصت مدونة الأسرة في المادة 123 بأن “كل طلاق أوقعه الزوج فهو رجعي إلا المكمل للثلاث و قبل البناء و بالاتفاق والخلع والمملك” ، كما أن المادة 124 من نفس المدونة تنص على أن للزوج أن يراجع زوجته أثناء العدة.
ويروم المشرع من إرجاع المطلق مطلقته أثناء العدة إعطاء كل من الزوجين الفرصة مرة أخرى لإستئناف الحياة الزوجية بينهما والإبقاء عليها، غير أن الطلاق الرجعي لا يكون في صورة واحدة، بل حددت المادة 123 من مدونة الأسرة الحالات التي يكون فيها رجعيا.
1) حالات الطلاق الرجعي :
يكون رجعيا في الحالات التالية:
أ ) إذا كان طلقة واحدة بعد البناء أي بعد الدخول بالزوجة؛
ب) إذا كان في غير مقابل عوض مالي (أو ما يسمى بالخلع)؛
ج) إذا لم يكن مكملا للثلاث؛
د) إذا تم بناء على حكم من المحكمة بسبب عدم الإنفاق على الزوجة أو بسبب الإيلاء والهجرة.
2) آثار الطلاق الرجعي :
تترتب عن الطلاق الرجعي عدة آثار، سواء خلال العدة أو بعدها :
– إذ لا ينهي الرابطة الزوجية حالا مادامت فترة العدة قائمة، فالمطلقة رجعيا تبقى حكما زوجة لمطلقها، غير أن الاستمتاع بها يزول حسب ما ذهبت إليه المالكية، في حين ترى الحنفية أنه يحل للزوج أن يستمتع بمطلقته رجعيا أثناء العدة لأن ذلك يعتبر بمثابة رجعة لها. أما الحنابلة، فذهبت إلى القول إنه يحل للزوج معاشرة زوجته المطلقة رجعيا ويعتبر ذلك رجعة ولو لم ينوي الزوج هذه الرجعة وبدون كراهية. وبخلاف ذلك، تحرم الشافعية الاستمتاع بالمرأة المطلقة قبل رجعتها بالقول ولو كان ذلك بنية الرجعة.
– ويحق لمن طلق زوجته طلاقا رجعيا أن يعيدها إلى عصمته أثناء العدة غير أنه يجب على قاضي التوثيق قبل الخطاب على وثيقة الرجعة إستدعاء الزوجة لإخبارها بذلك. فإذا امتنعت ورفضت الرجوع، يمكنها اللجوء في هذه الحالة إلى مسطرة الشقاق كما هو منصوص عليها في المادة 94 من مدونة الأسرة.
– تعتد المطلقة في بيت الزوجية لأنه من مشمولات النفقة ومستحقات الزوجة، كما يمكن لها أن تعتد في منزل آخر يخصص لها.
– تستحق المطلقة رجعيا النفقة مادامت العدة قائمة، غير أن حقها في السكنى يسقط إذا انتقلت من بيت عدتها دون موافقة زوجها أو دون عذر مقبول.
– لا تجوز خطبة المطلقة رجعيا داخل العدة لا تصريحاً ولا تعريضا باتفاق الفقهاء، لأن زوجيتها ما تزال قائمة حكما وبالتالي تعتبر خطبتها داخل العدة بمثابة خطبة امرأة متزوجة، كما أن المادة 5/39 من مدونة الأسرة تقضي بأن وجود المرأة في العدة يعتبر مانعا مؤقتا للزواج من غير زوجها.
– تبقى المطلقة رجعيا تحت مسؤولية مطلقها خلال العدة وبالتالي يبقى حق المطلق على مطلقته في صيانة نفسها وإخلاصها له حقا قائما كما هو الشأن بالنسبة للمرأة المتزوجة رسميا. فجميع آثار الزواج تبقى سارية المفعول في حالة الطلاق الرجعي باستثناء حق الاستمتاع عند المالكية. فالمعتدة من طلاق رجعي كالمرأة المتزوجة حيث تعاقب عند ارتكابها جريمة الخيانة الزوجية بموجب الفصل 491 من القانون الجنائي متى ضبطت وهي تزني.
– يحرم على مطلق زوجته رجعيا أن يتزوج أثناء العدة من امرأة يحرم جمعها مع مطلقته المعتدة كعمتها وأختها، كما لا يجوز له الزواج من امرأة خامسة إذا كان متزوجا أربع نسوة وطلق إحداهن طلاقا رجعياً ،
– ينقص عدد الطلقات الثلاث التي يملكها الزوج على زوجته. وفي هذا الصدد، تقضي الفقرة الرابعة من المادة 139 من مدونة الأسرة بالتنصيص في رسم الطلاق على نوع الطلقة والعدد الذي بلغت إليه وذلك لمعرفة عدد الطلقات التي وصل إليها الزوج.
– لا يحل مؤخر الصداق إذا كان مؤجلا ما دامت الزوجية قائمة حكما لأن الطلاق الرجعي لا ينهي حتما الزواج بمجرد توقيعه، بل ينهيه بعد انصرام أجل العدة من غير رجعة.
– إذا لم يراجع المطلق زوجته قبل انقضاء عدتها، بانت منه بينونة صغرى ويحل للمطلقة أن تتزوج بأي رجل، كما يجوز لمطلقها أن يعقد عليها من جديد إن رضيت. كذلك يجوز للمطلق أن يتزوج من هي محرم من مطلقته كأختها، أو خالتها مثلا.
– يتوارث الزوجان إذا توفي أحدهما قبل انتهاء العدة، ما لم يكن هناك مانع يحول دون الإرث كالقتل العمد، أو الاختلاف في الدين. أما إذا انقضت فترة العدة بدون رجعة، فتصبح المطلقة بائنة من مطلقها وحينئذ يأخذ الطلاق حكم الطلاق البائن، كما أن الطلاق الرجعي يحتسب في عداد الطلاق المكمل للثلاث.
– تستحق المطلقة رجعياً التعويض عن الضرر المادي والمعنوي في حالة وفاة زوجها المطلق خلال العدة بسبب حادثة سير.
ثانيا : الطلاق البائن
يضع هذا النوع حدا للزوجية بمجرد صدوره وبالتالي لا يحق فيه للمطلق أن يراجع زوجته ولو داخل العدة إلا بعقد جديد أو بعد زواجها من رجل آخر إذا كان هذا الطلاق مكملا للثلاث. ففي الحالة الأولى، يكون بائنا بينونة صغرى، وفي الحالة الثانية يكون بائنا بينونة كبرى. وعلى غرار الطلاق الرجعي، لا يقع الطلاق البائن في حالة واحدة بل في عدة حالات.
1) حالات الطلاق البائن:
تتمثل فيما يلي:
1) الطلاق الذي يقع قبل الدخول بالزوجة (أي قبل البناء).
2) الطلاق الرجعي الذي تنتهي فيه العدة دون أن يراجع الزوج مطلقته خلالها حيث ينقلب هذا الطلاق إلى طلاق بائن بينونة صغرى.
3) الطلاق الذي توقعه الزوجة بناء على التمليك. فإذا ملكها الزوج حق إيقاع الطلاق وطلقت نفسها طبقا لما تنص عليه مقتضيات المادة 80 من مدونة الأسرة، يكون هذا الطلاق بائنا بينونة صغرى، بمعنى أنه يسمح للزوج بالعقد من جديد على زوجته المطلقة، ما لم يكن هذا الطلاق مكملا للثلاث.
4) الطلاق الذي يكون بعوض تدفعه الزوجة لزوجها بغية طلاقها منه أو مايسمى بطلاق الخلع، فهذا الطلاق يعتبر بائنا بينونة صغرى حيث يمكن للزوج أن يعقد من جديد على زوجته التي خالعته إن تراضيا على ذلك، ما لم يكن هذا الطلاق مكملا للثلاث.
5) الطلاق الذي يقع باتفاق الزوجين طبقا لما تنص عليه مقتضيات المادة 114 من مدونة الأسرة.
6) الطلاق المكمل للثلاث. فحدوث الطلاق بين الزوجين ثلاث مرات متتالية يعتبر مانعا مؤقتا للزواج بينهما، لأن المطلقة تكون في هذه الحالة بائنة من مطلقها بينونة كبرى وبالتالي لا يحق للزوج أن يعقد عليها من جديد إلا إذا تزوجت من غيره ودخل بها الزوج الثاني دخولا حقيقيا يعتد به شرعا ثم طلقها أومات عنها وانقضت عدتها. ولمعرفة هل الطلاق مكمل للثلاث، تقضي المادة 4/139 من مدونة الأسرة بالتنصيص في رسم الطلاق على نوع الطلقة والعدد الذي بلغت إليه، فتضمين هذه البيانات بالرسم يفيد – عند توثيقه – نوعه وكذلك السقف المسموح به شرعا في إنهاء العلاقة الزوجية، سواء بطلاق أوبتطليق.
2 ) آثار الطلاق البائن:
أ – آثار الطلاق البائن بينونة صغرى :
– يزيل الزوجية حالاً، غير أنه يمكن للمطلق والمطلقة أن يجتمعا مرة أخرى بموجب عقد جديد مستوف لجميع الأركان والشروط التي يتطلبها عادة انعقاد الزواج، فالعلاقة الزوجية التي تنتهي بين الطرفين بطلاق بائن يجعل طلب الرجوع إلى بيت الزوجية غير مبني على سند قانوني، كما أن الرجوع إلى بيت الزوجية بعد صدور الحكم بالتطليق لا يعتد به لأن هذا الحكم يكون غير قابل لأي طعن في جزئه القاضي بإنهاء العلاقة الزوجية.
– تسقط نفقة المطلقة ولا تستحق إلا السكنى أثناء العدة ،أما إذا كانت المطلقة بائناً حاملا، فنفقتها تستمر إلى أن تضع الحمل.
– يحل بالطلاق البائن بينونة صغرى مؤخر الصداق إذا كان مؤجلا.
– ينقص عدد الطلقات التي يملكها الزوج على زوجته.
– يحرم التزوج من معتدة الغير، سواء كانت العدة من طلاق بائن بينونة صغرى أو بائن بينونة كبرى.
– كل علاقة جنسية بين المطلق ومطلقته طلاقا بائنا تعتبر فسادا، وبالتالي يعاقب عليها الفصل 490 من القانون الجنائي بالحبس من شهر إلى سنة.
– يجوز للمطلق أن يتزوج بمن هي محرم من مطلقته (كعمتها، أو خالتها أو أختها من الرضاع أو من النسب) لأن تحريم هذا الزواج كان بالفعل مؤقتا ولكن بالطلاق البائن زالت علته.
– لا يرث أحد الزوجين الآخر إذا توفي أثناء العدة إلا إذا اعتبر الزوج فارا من الميراث، أي عندما يكون مريضا مرض الموت وطلق زوجته في مرضه من غير رضاها، فإنها ترثه إذا حصلت الوفاة أثناء العدة.
ب – آثار الطلاق البائن بينونة كبرى:
– تصبح المطلقة طلاقا ثلاثا أجنبية عن زوجها المطلق ولا محل لإيقاع مزيد من الطلقات عليها لأن عددها انقضى.
– تحرم المطلقة بائنا بينونة كبرى على مطلقها، بل تصبح من المحرمات عليه مؤقتا ولا تحل له إلا بعد انقضاء عدتها من زوج آخر بني بها فعلا بناءا شرعياً، بمعنى أن يتزوج بها زواجا مقصودا لذاته لا يقصد التحليل ، كما أن مدونة الأسرة اعتبرت الزواج فاسدا إذا قصد الزوج الثاني به تحليل المطلقة لمــن طلقها ثلاثا.ففي هذه الحالة، يمكن للمطلق الأول أن يتزوج من مطلقته بعد انتهاء عدتها من زوجها الثاني الذي طلقها بدوره أو توفي عنها ويكون ذلك بعقد جديد.
– يصبح مؤخر الصداق مستحق الأداء على الزوج المطلق إذا كــان مؤجلاً.
– لا تستحق المطلقة المعتدة بائنا إلا السكن حيث تعتد المطلقة في منزل الزوجية ، أو في منزل آخر يخصص لها كما نصت على ذلك المادة 131 من مدونة الأسرة.
– انقضاء حق التوارث بين الزوجين المطلقين.
– في حالة رجوع المطلقة بائنا بينونة كبرى لزوجها الأول، يملك عليها من جديد ثلاث طلقات لأن الزواج الثاني من زوج آخر هدم الثلاث السابقة.
- ادريس الفاخوري: قانون الأسرة المغربي، أحكام الزواج، انحلال الرابطة الزوجية، طبعة 2019.2020.
- محمد الشافعي: الزواج وانحلاله في مدونة الأسرة، سلسلة البحوث القانونية 24.
- محمد الكشبور: الواضح في مدونة الأسرة، الطبعة الثالثة 2015.
Share this content: